بالأمس.. كتبت منشورا مقتضب كان فيضا من غيض أكثر من كونه تعليق على فوز المنتخب اليمني للناشئين في بطولة غرب آسيا للناشئين بصرف النظر عما اذا كان المنتخب السعودي هو المنتخب الذي خسر أمامه أم لا - وكان من الطبيعي أن أتلقى تعليقات مباشرة وفورية من بعض الاصدقاء البعض منها وضعت بإصبعها على الوجع الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن في حين ولى البعض الآخر في وادي آخر ينم عن " روحه الرياضية " المتدنية وحسه الوطني "الفضفاظ" - مع كامل إحترامي وتقديري وسعة صدري لكلاهما.
وعلى الرغم من الفوز المستحق للمنتخب اليمني للناشئين في سلطنة عمان بفعل الاداء الرائع لهذا المنتخب الواعد وروعة الجمهور اليمني المؤازر له على مدرجات الملعب- لكن هذا الفوز سرعان ما تحول على الأراضي اليمنية إلى خسارة فادحة بل وكارثة إنسانية راح ضحيتها العشرات من المواطنين اليمنيين ما بين قتيل وجريح في عموم محافظات الجمهورية وفي وقت أقل من ساعة واحدة فقط من زمن إعلان فوز المنتخب اليمني للناشئين.
البارحة شهدنا مذبحة إحتفالية سقط خلالها العشرات ما بين قتيل وجريح لا تنم إطلاقا على أننا شعب رياضي يحمل روح رياضية حتى في التعبير عن فرحته بفوز منتخبة المفضل - بل - شعب ساذج متخلف يموت أطفاله من الجوع والبرد في حين يبالغ في التعبير عن فرحته بإهدار أموال طائلة مقابل إطلاق وابل من الاعيرة النارية المختلفة في الهواء تعبيرا عن فرحته بهذا الفوز للمنتخب اليمني دون أدنى إحساس إنساني أو وطني "يتشدق به" بإمكانية سقوط ضحايا ابرياء من جراء الاعيرة النارية الراجعة على رؤوسهم.
خلال أقل من ساعة واحده فقط إستقبلت طوارئ المستشفيات في عموم محافظات الجمهورية عشرات الضحايا المدنيين ما بين قتيل وجريح سقطوا جراء هذه الامسية الاحتفالية "الحزينة" والتي تنوعت فيها الآليات العسكرية المستخدمة في هذه الاحتفالية الدموية ما بين البندقية والرشاش والمعدل وقذائف الأر بي جي والهاون والألعاب والمفرقعات النارية - كانت تكفي وفق أقل التقديرات إلى حسم المعركة العسكرية البرية في قطاع غزه في حال وصلت إلى فصائل المقاومة شحنة هذه "الأسلحة اليمنية" التي إحتفل بها الشعب اليمني بفوز منتخبه.
أيها السادة.. جميع شعوب العالم قاطبة على إختلاف ألسنتهم وألوانهم تتمنى وتحتفل بفوز منتخباتها في البطولات الرياضية - لكن على طريقة الإحتفال في القرن الواحد والعشرين الذي تتولى فية الدولة قصرا وحصرا إطلاق الألعاب والمفرقعات النارية في الهواء تعبيرا عن فرحة "الشعب" بفوز منتخبه في البطولة - في حين يحق للشعب فقط الاستمتاع بمشاهدة هذا الاحتفال الرسمي والشعبي وسط اجواء فرائحية إحتفالية تستحق أن تكون كذلك.
وبعبارة أخرى...لو أن المنتخب اليمني الذي إحتفلنا معه بالجرح "لا سمح الله- لا سمح الله- أخفق في هذه البطولة وعاد خائبا بخفي حنين - لم نكن سنرى هذا العدد الكبير من الضحايا والمصابين لهذه الامسية الاحتفالية وكان الكثير من الأطفال الذي سقطوا في هذه الامسية سينامون في أحضان أمهاتهم بكل هدوء وسكينه - في حين أن هذا المنتخب السعودي الذي تغلبنا عليه في حال قرر الإحتفال بهذا الفوز برغم ثروات حكومته وشعبه لن يتجاوز الاحتفال بهذا الفوز بإطلاق بعض الألعاب والمفرقعات النارية في الهواء من قبل " الدولة السعودية " وما على المواطن السعودي سوى الاستمتاع بهذه الاجواء الاحتفالية.
- كاتب وصحفي يمني