إنْ تزُرِ الصِّينَ - ولو على فتراتٍ مُتباعدةٍ - تكتشفْ جليَّاً أنَّها أضحتْ على مسافةٍ قصيرةٍ من تبوؤ المركز الأوَّل عالميَّاً على الصَّعيد الاقتصاديّ دونَ مُنازعٍ أو مُنافسٍ، وإن كانتِ اليومَ تحتلُّ المركزَ الثاني في ترتيب الدُّول الأقوى في العالم اقتصاديَّاً بعدَ الولايات المُتحدة الأمريكيَّة !!
كانتْ زيارتي الأولى للصِّين في العام 1999م؛ للمُشاركة في المُؤتمر العالميِّ للمعلوماتيَّة، وكانتِ الثانية في العام 2013م؛ لحضُور الدَّورة التدريبيَّة للقيادات الإعلاميَّة العربيَّة، والأخيرة كانتْ أواخر العام الجاري 2023م ؛ للمُشاركة في أعمال مُلتقى التعاون الإذاعي والتلفزيونيّ الصِّينيّ العربيّ في نُسخته السَّادسة المُنعقد في مدينة جوانجتشو (Guangzhou) أو (خوانجو)؛ تسهيلاً للنُّطق.
هذه المُقاطعةُ نموذجٌ حقيقيٌّ ومهمٌّ للتطوُّر فائق السُّرعة، ومطَّرد النُّمو اقتصاديَّاً وصناعيَّاً الذي تجتازه مُقاطعاتٌ عديدةٌ في مُختلف أرجاء الصِّين، وهو المُنعكسُ إيجاباً على الاقتصاد الصِّينيّ المُتعاظِم دورُه على الصَّعيد العالميّ.
وتعد (جوانجتشو) واحدةً من المُدن الرَّئيسيَّة في الصِّين ، وتقع في جنوب البلاد ضمن مُقاطعة(قوانغدونغ) على نهر اللؤلؤ، وتُعدُّ المدينةُ عاصمةً للمُقاطعة، وكُبرى مُدنها.
كما تضمُّ مدينة (جوانجتشو) عدداً كبيراً من أغنياء العالم، واستطاعتْ في عام 2020م أن تحتلَّ المرتبةَ الـعاشرةَ على مُستوى العالم، والـخامسةَ على مُستوى الصين في عدد المليارديرات المُقيمين فيها حسب قائمة هورون العالميَّة للأغنياء.
استضافتْ المدينةُ عدداً كبيرا من الأحداث الرياضيَّة البارزة، سواءٌ الوطنيَّة أم الدَّوليَّة ومنها: دورةُ الألعاب الآسيويَّة لعام 2010م، ودورةُ الألعاب الآسيويَّة البارالمبية لعام 2010م، وكأسُ العالم لكرة السَّلة 2019م (FIBA).
بلغ عددُ سُكَّان مدينة (جوانجتشو) (18.676.605) نسمة حسب تَعداد عام 2020، وتبلغ مِساحةُ المدينة 7.434.4 كم2، وتُعدُّ مدينةُ (جوانجتشو) مركزاً للتّصنيع الرّئيسيّ لمنطقة دلتا نهر اللؤلؤ ، وهي واحدةٌ من أهمِّ المناطق التِّجاريَّة والصِّناعيَّة في البرِّ الرَّئيسيِّ للصِّين.
ورغم كونها مركزاً للتّصنيع السَّريع الذي أثر فيها بيئيَّاً في الماضي إلى حدٍّ ما إلا أنَّ التَّخطيطَ الحضريَّ الأخضرَ في وقتنا الحاضر جعلها تتصدَّرُ أكثرَ مُدن الصِّين مُلاءمةً للعيش.
و (جوانجتشو) مدينةٌ ضخمةٌ تحتضنُ ميناءً رئيسيَّاً كبيراً ويعمل كمركزٍ للنَّقل، وهو ما جعلها من كُبرى المُدن السَّاحليَّة في الصِّين والعالم، كما يوجد في مدينة (جوانجتشو) مطارُ (بايون) الدّوليّ الذي افتتح عامَ 2004م، وهو ثاني أكثر مطارات الصِّين ازدحاماً بالرُّكاب.
ولدى (جوانجتشو) واحدٌ من أغلى أسواق العقارات في الصِّين ، وفيها يُقام معرضُ (كانتون) السَّنويّ الذي يُعدُّ أقدمَ مِعرضٍ تجاريٍّ في الصِّين وأكبرها، وصُنِّـفتِ المدينةُ من قبل (فوربس) في الأعوام من (2013 إلى 2015م) كأفضل مدينةٍ تجاريَّةٍ في البرِّ الرَّئيسيّ للصِّين.
وتُعدِّ مدينةِ (جوانجتشو) مقصداً تعليميَّاً مُهمَّاً في الصِّين ، فهي موطنٌ للعديد من الجامعات المُهمَّة والمرمُوقة في البلاد.
الحديثُ عن هذه المدينة المُتميِّزة والمُلهِمة ولو بالنِّزر اليسير ، يُؤكِّد - بما لايدع مجالاً للشَّكِّ - أنَّ جُمهوريَّة الصِّين الشَّعبيَّة - التي أقرَّتٌ مُنذُ زمنٍ ليس بالطويل - خُطَّتَها للمُستقبل تحت مُسمَّى (الحزام والطَّريق)، تسير بخُطًى حثيثةٍ وثابتةٍ صوبَ مرتبة الصَّدارة العالميَّة اقتصاديَّاً وتكنولوجيَّاً.
* نائب وزير الإعلام