الامتعاض الأميركي من حجم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط لم يعد مبرراً على الإطلاق.
إيران بحجمها اليوم ما هي إلا إنتاج أميركي.. إخفاق أو إنتاج النتيجة واحدة.
ألم تكن الولايات المتحدة من قدمت العراق لإيران على طبق من فضة؟
ألم تكن الولايات المتحدة من أوقفت تقدم الوية العمالقة باتجاه الحديدة وحسم الحرب بذريعة "مخاوف" حول "الوضع الإنساني"؟
ألم تسمح أميركا بتعاظم دور حزب الله العسكري والسياسي في لبنان؟
ألم يكن أوباما من أمر بطمس تحقيق كساندرا الاستقصائي الذي فضح نشاط حزب الله في تجارة المخدرات الدولية والارباح التي حققها بالمليارات من أجل عدم تخريب صفقة النووي مع إيران؟
ألم تعلم واشنطن تعلم بكل مواقع وتحركات فصائل إيران بين سوريا والعراق ومخازن أسلحتها وطائراتها المسلحة؟
لذا قبل أن تهرع الولايات المتحدة وأصدقاؤها في العالم الحر بأساطيلهم إلى البحر الأحمر، نتمنى عليهم أن يحددوا طبيعة علاقتهم بإيران والإجابة عن سؤال بسيط: هل تعتبر الولايات المتحدة إيران عدوًا نعم أن لا؟
المدمرة الإيرانية التي وصلت البحر الأحمر وصلت بطريقها نقاط الاستراتيجية الإيرانية في صراع النفوذ.
لدى إيران حسابات قديمة جديدة وقد حان وقت جردها..
الصمت الإيراني إزاء عشرات الاستهدافات التي طالت فصائلها ومواقع نفوذها يدلل على أن إيران تدرك أنها جزء من استراتيجية واشنطن في الرد المضبوط لتبرير ثقل الحضور العسكري الأميركي في المنطقة.
وفي المقابل الهجمات الإيرانية على القواعد الأميركية التي تحصى بالعشرات كذلك والتي للمصادفة لم توقع قتيلا من المجندين الأميركيين، جزء من شعارات وإشعارات المقاومة وغيرها..
إن ما يحصل اليوم من استعراض عضلات يصب مباشرةً في خانة إيجاد تمسك إيران بورقة قوة للمساومة من خلالها إما باعتراف دولي بحجم النفوذ الإيراني الإقليمي والدور العابر للحدود أو ربما في مرحلة لاحقة تشريع المشروع النووي الذي لم نعد نسمع عنه الكثير مؤخراً في ما يبدو أن واشنطن لا تبدي قلقاً حياله إلا عندما تقتضي المصلحة.
يصدق أن دفة المصلحتين اليوم في الاتجاه ذاته.. إلا إذا كانت إيران وأميركا في السفينة ذاتها..
حسابات واشنطن وتوقيت أحداث غزة تلاقت مع مشروع بايدن بقطع الطريق أمام مشروع الصين العالمي. بايدن يسعى لتطويق مشروع الصين من محورين في الشرق الأوسط: الأول في الشمال من خلال ميناء حيفا وطريق التجارة الهندي الذي اطلقه والثاني في الجنوب عبر باب المندب.
بايدن يدرك أن نجاح المشروع الاقتصادي الصيني يتطلب على الأقل إنشاء عشر قواعد عسكرية بحرية لحماية المصالح الصينية الاقتصادية.. خطأ الصين أنها نجحت في التمدد اقتصاديا دون موازاة ذلك عسكرياً وباب المندب هو قلب مشروع الحزام والطريق...
حرب المضايق والممرات في لعبة النفوذ والمصالح الدولية تنذر بخطورة اندلاع صراع خطير وطويل خاصة أن روسيا التي تحاول منذ فترة إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان حذرت من مخطط أميركي للانتشار والبقاء في البحر الأحمر وقد يكون جزءاً من استراتيجية واشنطن في التصدي للتوسع الصيني الروسي.
نحن أمام بداية صراع طويل قد يتفجر شمالا في البحر الشمالي حيث تمكنت اميركا بعد حرب أوكرانيا من ضم سبع دول من أصل ثمانية مطلة على هذا الخط الملاحي الاستراتيجي جميعها الى حلف الناتو...
فمن يسيطر على خطوط الملاحة الدولية يسيطر على العالم..
ابحثوا عن المصالح... تجدون الأجوبة.. وربما الجواب عن السؤال البسيط في بداية المقال..