يبدو أن القدر يلاحق كل ما هو جميل في حياتنا في هذا الزمن الصعب، لا يلوي على شيء، ولا يستثني أحدًا، لا يميز بين الناس والأشياء؛ فمثلما يغادرنا الأبطال الصامدون في جبهات القتال، يودعنا المبدعون، والمثقفون، وأصحاب المواقف الوطنية المميزة، وتتراجع قدرات، وتهدر إمكانيات، وتلح أشياؤنا التي لا نرغبها على البقاء.
اليوم، ودعنا مثقفًا ملتزمًا، وطنيًا لامعًا، وقلمًا مميزًا، غادرنا دون استئذان وفي صمت، كعادته قاتل في جبهة التقدم والدفاع عن اليمن الحديث حتى تعب، وأتعب، ذاك هو فيصل الصوفي، رئيس تحرير صحيفتي الميثاق و22 مايو، ورئيس المركز الإعلامي، وكلها مؤسسات إعلامية وصحفية وبحثية للمؤتمر الشعبي. وهو الكاتب والسياسي، غزير الإنتاج، ترك إرثًا أدبيًا وسياسيًا، القليل من قارب إنتاجه.
مناضلًا مؤتمريًا في صمت وإخلاص، جمهوريًا في دمه وفكره وفي كل حرف علَّمه، أو تعلَّمه، ووحدويًا حتى النخاع، تتبدل المواقف إزاء القضايا الكبرى عند البعض، لكن الصوفي لا يتغير ولا يتبدل، ذلك أنه رأى فيها ثابتًا في حياته، وثوابت في وطنه، فثبت دون ملل دونها، لا ينتظر جزاءً أو شكورًا.
رحم الله الصوفي فقد عرفته صديقًا وزميلًا، ورئيسًا ومرؤسًا، منضبطًا في عمله حد العشق، وزاهدًا في الحياة حد التصوف، ودودًا دون تكلف، ومتواضعًا وذاك من نبل الرجال، حي أنت وميت يا صوفي، سنفتقد من اليوم مقالاتك، وإسهاماتك الفكرية والثقافية. لله ما أعطى ولله ما أخذ.
*رئيس مجلس الشورى