إستقرت عمليات الفرز الطائفي والمذهبي التي أحدثها فوضى الظاهرة الشيعية في تاريخنا وحاضرنا عن وجود نوعين من السلالات البشرية لا ثالث لهما في قاموس النفاق - في أحدهما تتجلى صورة السيد صاحب العمامة والتوزة تحت مسمى "الهاشميون" وفي الأخرى تتردى صورة العبد المطيع بتعليمات سيده الذي يحذره باستمرار من النار والعقاب تحت مسمى "الهامشيون" - لذلك لم يكن غريبا أن تنتشر هذه الرغبة المتعطشة للتسلط في الجزيرة العربية مثل إنتشار النار في "الهشيم" من اليمن إلى الحجاز إلى الشام الى العراق إلى مصر وصولا بشرارتها إلى المغرب العربي.
أسأل نفسي بإستمرار ما الذي يجعلني أنتقد هذه الظاهرة "الهاشمية" التي نعيشها اليوم - هل لمجرد أن جيناتي الوراثية لم تمنحني أن أكون عضوا في هذه السلالة بإعتباري من سلاله أخرى- ولو كنت فيهم لكان موقفي سيتغير منهم بما يجعلني منظر في فضائل وشمائل هذه السلالة التي إصطفاها الرحمن لنا - أم موقفي سيظل ثابتا من نقد تصرفات هذه السلاله وسيكون هذا المنشور شاهد عليا ودليل إدانة في حال عثر احدكم على " بصيرة " أو شجرة نسب تفيد بأني انتمي إلى السلاله الهاشمية.
كان العرب في جاهليتهم قبل الإسلام يعيشون أوضاعا إجتماعية مزرية تشهد تمايز طبقي وعشائري الكل فيهم يدعي نقاء سلالته وتفوق عيشيرته وقبيلته على ما سواها من القبائل تحت مسمى قحطانيين أو عدنانيين - عرب عاربة أو مستعربة - نزاريين أو مضريين - وهذا ما جعلهم يعيشون في الدرك الأسفل من التطور الحضاري - حتى جاء الاسلام برسالته ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد على قاعدة من المساواة والعدالة إلا بالتقوى - بل وأنعم الله عليهم أن بعث فيهم هذا الرسول الخاتم الذي هو أهلا للعدالة والمساواة ليصحح أيضا مسيرة تشوهات الأديان السماوية السابقة التي إعتراها التعالي والتمايز الطبقي والعرقي بين أتباع تلك الرسالات.
وما أن مات هذا المعلم الفاضل والرجل العظيم الذي قال في حياته والله يا فاطمة بنت محمد أني لا املك لك ضرا ولا نفعا وولله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها - وبوفاته عادت رواسب الجاهلية " العربية " من جديد تظهر على شكل طوائف ومذاهب شتى لم ولن تكن جزء من رسالة وجوهر هذا الدين الحنيف الذي إلتف حوله أفواجا كبيرة من المستضعفين والمهمشين والمستعبدين والمظلومين بما وجدوا فيه من روح المساواة بين الأعراق والاجناس لا فرق بينهم إلا بالتقوى
هنالك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقل ضررا عن حديث "الولاية" يقول فيه بحسب الرواية " أن الله قد إصطفى نوح من ذرية آدم وأصطفى إبراهيم من ذرية نوح وأصطفى كنانة من بني اسماعيل وأصطفى قريش من كنانة واصطفى هاشم من قريش وأصطفاني من بني هاشم". هذا الحديث ومع الأسف يعيد محاولات تأصيل البعض البحث عن جذورهم بناء على صكوك سردية ليست ذات اهمية أو فائدة للأمة إلا تمنح ضعاف النفوس إصطياد مثل هذه النصوص لتكييف سلالته العرقية بحسب مقتضى النص.
ما ورد في فضل وشمائل بني هاشم كثيرا جدا يستحق أن يكون كذلك بناء على دورهم المحوري في نشر رسالة الإسلام في مراحل إضطهاده على يد العرب أنفسهم- لكن بما لا يجب أن تمنح تلك الشمائل بني هاشم صكوك التسلط على رقاب المسلمين بإسم النسب النبوي ومن ثم إعتراض المسار الشوري الذي تركه لما الرسول في تقرير مصيرنا وأمرنا - وهذا مع الأسف ما غاب عن حكماء بني هاشم اليوم ضرورة مراجعته قبل فوات الاوان .
إن الإسلام الذي يشهد اليوم أسوأ موجات العداء التاريخي من خارجه قد تغذى على التشوهات الداخلية التي أحدثتها فوضى محاولات تأصيل الكثير من الجماعات نسبها بالرسول على إعتبار أن ذلك يمنحهم الحق في أن يكون هو الأجدر والاقدر على حكم ما سواهم من( الهامشيون ) الذين يجب أن لا يتدى حضورهم أو دورهم مبايعة الإمام الهاشمي المعصوم الذي سيخرج في آخر الزمان ولا نعلم ماذا يفيد تأخير عودته حتى ذلك الحين.
لا يمكن بل ويستحيل أن يكون الرسول الكريم قد أعطى أيا أتباعه سواء كان من أقاربه أو اتباعه الحق في تقرير مصير أمر المسلمين لما سيترتب على ذلك من ظلم كبير لهذا الدين الذي جاء رحمة للعالمين في ليضع الجميع تحت طاولة المساواة فلا فرق بين عربي ولا عجمي ولا هاشمي ولا اموي إلا بالتقوي وهذا هو المعيار الإلهي الوحيد للمفاضلة بين البشر والذي لا يسمح بموجبه للنبي محمد بالتدخل في هذا المعيار - فكيف بنا نحن- ونحن جميعا أتباع للنبي محمد من (آل بيته) الذي يتوجه إليه المسلمون حول العالم في صلاتهم لله.
ولنتذكر أيضا أن هذا الدين ليس جينات وراثية تنتقل بالتزاوج والاتصال الجنسي بين البشر - بل - هو خيار وإختيار عقلاني واعي للإنسان بمحض اراته لما وجد في هذا الدين من قيم قدفضلى - وجميعا نعلم أن أبى لهب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم أو يؤمن برسالة محمد رغم كونه من بني هاشم وفي ذلك حكمة من الرحمن تقول بأن الايمان أو الكفر خيار فردي واعي - لذلك أسلم نجاشي الحبشة المسيحي برسالة لمحمد لمجرد آية في القران يفيد بأن الناس سواسية.
- من حائط الكاتب في #فيسبوك