قِيل لنا في المدرسة حينما كنا صغار بإن السلطان العثماني عبدالحميد الثاني كان في آخر حياته السياسيه قد وقع على عقد تأجير الدور الثاني من منازل الفلسطينيين للمستأجرين الاسرائيليين اليهود الذي جاءو بناء على دعوة كريمة من السلطان أو على أساس إعلان شافوه في الجريدة "ما تفرقش".
ما يفرق فقط هو أن هذا المستأجر الاسرائيلي الجديد أصبح يدخل ويخرج بدون أن يراعي حرمة طابق المواطن الفلسطيني الذي يسكن في الدور الأول - ومن غير ما يقول حتى " أحم ولا دستور " عندما يوصل، إحتمال تكون زوجة جاره المؤجر الفلسطيني "فاتشه شعرها " أو شيء من هذا القبيل.
وبحسب ما أتذكره من هذه الأساطير التي نسيت حينها طلب الإطلاع على صورة من عقد ذلك الإيجار القابل للتجديد - فإن هذا "الخبر" الذي ما أتفقوش عليه بالعقد بدأ يلعب براس الفلسطيني المؤجر صاحب العقار المذكور - خصوصا بعد إن شاف هذا المستأجر الاسرائيلي الجديد قد زيد بالعصورة حقه من كثرة الدخلات والخرجات - ساعة يرجع لي هذا المستأجر اليهودي آخر الليل سكران "طيطة" ومعه صديقته اليهودية قليلة الاصل والتربية بدون ذرة حياء - وساعة زوجته اليهودية بنت اليهودي ما عد كفاها البلكونة تضحي بها الثياب ، وتشتي تزيد " تخورج " الإيجار حقها بالحوش حق المؤجر الفلسطيني على شان قالت الملابس حق جهالها كثير تكون تضحيهن به وهيه معاها ضيوف كل سبت على شان عيد اليهود - وفوق ذلك - على طريقها لازم تحشر نفسها في أكل البيت الفلسطيني أيش معاكم اليوم من غداء وايش با تعملوا على العشاء... مستأجر يهودي جاوع.
وفي آخر الرواية يضيف المؤلف "بتصرف" من نفس المصدر المجهول - إلى أنه عندما ضاق المواطن الفلسطيني ذرعا من المستأجر الاسرائيلي الذي لم يدفع شيكل واحد من الإيجار بين الأعوام( ١٩٢٣--- ١٩٤٨) - بالاضافة إلى مشكلات عائلية خاصة منها على سبيل المثال " وهذا بيني وبينكم ما نشتيش فضايح ": إلى أن هذا المؤجر الفلسطيني وجد زوجته العربية المسلمة الغيورة على سمعتها وشرفها قد إختلفت كذا مرة مع زوجة المستأجر الاسرائيلي اليهودية بنت اليهودي على كلام نسوان " تيييت" لا يصح ذكره يمكن "دعارة وما دعارة".
كل هذه العوامل مجتمعه دفعت بالمؤجر الفلسطيني صاحب البيت والمال أن يترك بيته للمستأجر الاسرائيلي تجنبا للمشاكل " يشبع به " - والذي سيصبح فيما بعد مستوطن وصاحب البيت بعد أن كان مستأجر وقد غير غلقة الأبواب والمسميات والعناوين باللغة العبرية.
هذه الرواية التي لا أتذكر مصدرها بالضبط بحكم كوني حينها طفل صغير مطلوب منه أن يسمع بس بدون أن يتحقق من هوية الكتاب والمؤلفين - حاولت مرارا التحقق من صحتها على الشبكة العنكبوتية لعلي أجد ذلك العقد المزعوم أو حتى صورة قديمة منه - لكني لم أجد سوى بعض الاتهامات الكيدية التي وجهها فيما بعد الأتراك القوميين " الانقلابيين " ضد السلطان عبد الحميد - في محاولة منهم للظهور بشخصية السلطان محمد الفاتح وهم يخفون وراءها صورة زعيمهم مصطفى كامل أتاتورك الذي تسلم شخصيا ملف تهجير اليهود إلى فلسطين بين الأعوام ١٩٢٨ وحتى العام ١٩٣٦ - وهو العام الذي قرر فيه هذا الزعيم تحويل مسجد أيا صوفيا إلى متحف أو مزار مسيحي للتأكيد على فك إرتباط تركيا بالحضارة الاسلامية - قبل أن يعيد مؤخرا الرئيس أردوغان أيا صوفيا إلى ما كان عليه مسجد أيام ولاية السلطان محمد الفاتح.
مؤخرا إستمعت إلى كلمة لرئيس الوزراء التركي الاسبق داوود اوغلو أمام عددا من أنصار حزبه المعارض لسياسة الرئيس أردوغان يعاتب فيها الرئيس أردوغان على صمته المتخاذل لما يحدث فى قطاع غزة -وكيف لو أنه مكانة سيلقن الصهاينة درسا في التاريخ العثماني وسيغلق أمام إسرائيل البحر والبر والجو وسيعيد اليهود إلى المكان الذي قدموا منه لكن بعد أن يمنع عنهم الدواء والماء والكهرباء والانترنت- وإذا تطلب الأمر سيقطع عنهم فورا المصروف والمساعدات... الخ.
حديث طويل أشبه ببرنامج انتخابي معلب يحاول من خلاله تسجيل موقف سياسي معارض من أردوغان والذي توارى هو الآخر عن المشهد الخطابي الذي كنا نعتقد من خلاله أن وقف الحصار والعدوان على قطاع غزة بناء على حدة وعيده وتهديده انها مسألة "سويعات" لا أقل ولا أكثر - قبل أن يخفي هذا الرجل عن المشهد ويختفي معه ذلك الخطاب المتشنج الذي يعد ماركة مسجلة بإسمه .
وفي الأخير ونحن بصدد رفض دعاوى الاتهامات والخطابات التركية التي رافقت القضية الفلسطينية منذ لحظة ولادتها لعدم توفر الادلة الكافية.
وما بين من يعتبر ذلك الموقف التاريخي المفترى على السلطان عبد الحميد به وأنا أجزم بإنه كذاك - وما بين من يعتبر هذه المواقف التركية المتشنجة للنظام التركي الحالى ليست سوى فقاعة تاريخية طارت في الهواء شأنها شأن كثير من مفرقعات المواقف الدولية المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني.
ما أحوج الفلسطينيون اليوم إلى صحة وجود عقد ذلك الإيجار قبل أن ينتهي المستأجر من تدمير العقار المذكور إن لم يكن قد أصبح مالك العقار.
- من حائط الكاتب في فيسبوك