لم يعش المواطن اليمني طيلة سنوات عمره على تراب هذه البلاد، أسوأ ولا أتعس من هذه الأيام والسنوات، أيام وسنين الحرب والتشرد والحصار.
لم يشهد جعجعة وإهانة وذلا وحزنا وأسى وجوعا وعطشا ومرضا أكثر من سنوات الدمار والتشرد والنزوح والانتظار لصدقات المنظمات حتى بات كمتسول، والمسؤول عن إهانته وذله أطراف النزاع الممتدة خرابها وحرائقها على طول اليمن وعرضه بينما هم يجنون كل مكاسب الحرب على حساب ألمه وجراحه وقتله وتشرده.
المواطن اليمني تَحمَّل كل تداعيات الحرب ومآلاتها المؤلمة، بكل الجوانب، إلى جانب ما يتقاضاه من راتب هزيل شهريا من حكومتنا الموقرة، لا يتجاوز الـ50 دولارًا، رغم الأوضاع الكارثية من أوضاع اقتصادية منهارة وغلاء متزايد، وفقر، ومرض، ومعيشة تسوء يوما بعد آخر وتدهور مستمر لكل شيء، وفوق هذا كله لا يتسلم راتبه بانتظام وحين يتسلمه يذلونه وكأنهم يتصدقون عليه صدقة.
في اليمن فقط مطلوب منك أن تكون مواطنًا صالحًا، مطلوب منك أن تأكل، وتشرب، وتلبس وتدرس وتتعالج وتشتري متطلبات البيت وأثاث البيت، وتصلح ما يخرب من أغراض البيت.
ومطلوب منك تدفع إيجار البيت، وتدرِّس أولادك، وتعالجهم، وتكسيهم، وتصرف عليهم وتدفع جبايات، كل هذا ب50 دولارًا فقط، في حين أنها في أي دولة مجاورة ليست قيمة قنينة ماء.
وفوق هذا كله مطلوب منك أن تكون مواطنًا صالحًا ومطيعًا، تدعو للدولة وتشيد بها وبإنجازاتها وتكون في صفها في كل المواقف رغم جعجعتك وحسرتك وهمك في كيف تصرف هذه ال50 دولارًا طيلة الشهر.. ناهيك عن من سُلِبوا رواتبهم في مناطق سيطرة الحوثي ولم يتسلموها لسنوات.
ومطلوب منهم أيضًا أن يكونوا صالحين ومطيعين للظلم والجبروت والغطرسة.
ومع رمضان مطلوب منك أن تشتري متطلبات رمضان وبأسعار سياحية قاصمة للظهر وللروح وبالـ50 دولارا حق حكومتنا الرشيدة التي تجعجعك على هذه ال50 دولارًا، ومطلوب تصلي وتصوم وتتهجد وتكون مواطنًا صالحًا وسعيدًا.
ولك الله أيها اليمني المغلوب على أمرك.. والحمد لله على العافية!