شكّل تراجع الشرعية اليمنية عن تطبيق قرارات البنك المركزي اليمني القوية والإستثنائية القاضية بسحب العملة القديمة وإيقاف التعامل مع ستة بنوك وعددا من المصارف الأخرى بسبب رفضها نقل مقراتها الرئيسة إلى العاصمة عدن وغير ذلك من الإجراءات الإقتصادية التي استطاعت من خلالها الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً عزل المليشيا الإنقلابية الحوثية الإرهابية مالياً حول العالم، شكّل صدمة مؤلمة للكثير من أبناء الشعب اليمني المتطلع إلى دحر المليشيا وعودة الأمن والإستقرار إلى كافة ربوع الوطن الغارق في الحروب والصراعات التي اشعلها وكلاء إيران في اليمن منذ سنوات طويلة.
التراجع عن القرارات البنكية التي وصفها محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور أحمد غالب المعبقي بقوله "أن القرار يمني سيادي ذو طابع نقدي ومصرفي ولا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي" جاء بعد رسالة من المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ والذي طالب من خلالها الحكومة اليمنية والبنك المركزي تأجيل هذه القرارات إلى نهاية شهر أغسطس وكذلك البدء بحوار ترعاه الأمم المتحدة بين جميع الأطراف اليمنية لمناقشة التطورات الإقتصادية الأخيرة.
رسالة المبعوث الأممي جاءت بعد 24 ساعة من خطاب زعيم المليشيا الإنقلابية الحوثية الإرهابية عبد الملك الحوثي والذي هدد من خلاله بالرد على قرارات مركزي عدن بقرارات مماثلة إضافة إلى تهديدات أخرى بإنهاء الهدنة وإشعال الحرب العسكرية من جديد.
الموقف الأممي الذي جاء عبر رسالة المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ بالتوازي مع تهديدات زعيم المليشيا الحوثية الإرهابية كشف حقيقة الدعم والمساندة الأممية للمليشيا الحوثية المصنفة كجماعة إرهابية وكشف كذلك الأبعاد الحقيقية للتراجع عن القرارات البنكية من قبل الشرعية اليمنية ومن ذلك عدم الدراسة العميقة للقرارات قبل اصدارها والنظر إلى الواقع الحقيقي بعيدا عن التصورات الخاطئة والخطوات الإرتجالية التي تأتي دوماً بنتائج عكسية ليست في صالح الوطن والمواطن. ولو عدنا للخلف قليلاً سنجد ان التراجع عن تحرير الحديدة والتوقيع على إتفاقية إستكهولم المشئومة في العاصمة السويدية أضعف الموقف السياسي والعسكري للحكومة الشرعية كثيرا ومازالت تبعات ذلك الإتفاق المخزي مستمرة حتى اليوم.
الأبعاد عديدة وهناك ابعاد سياسية دولية أخرى للتراجع الحكومي عن تنفيذ القرارات الإقتصادية التي ارعبت الحوثيون وجعلت زعيم الحركة عبد الملك الحوثي يخرج بتصريحات متلفزة اقرب إلى الهذيان والجنون. نتمنى من مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رئيس الجمهورية الدكتور محمد رشاد العليمي ونوابه إلغاء التراجع عن القرارات البنكية فالحرب الإقتصادية اشد واقوى من الحرب العسكرية بالنسبة للمليشيا الإنقلابية التي لم ولن تلتزم بالإتفاقيات والمعاهدات منذ اليوم الأول للتمرد في صعدة وحتى اليوم والمجرب لا يجرب ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.