تعد الجالية اليمنية في نيويورك من أكبر الجاليات اليمنية في الولايات المتحدة، وهي تحمل تاريخًا طويلًا من النجاح والإسهام في المجتمع الأميركي، ومع ذلك، تشهد هذه الجالية حالة من الانقسامات والخلافات بين قياداتها وأعيانها، تختلف عن الجاليات اليمنية الأخرى في باقي الولايات، هذه الخلافات لا ترتبط بالمصلحة العامة للجالية، بل تغذيها حسابات شخصية وصراعات داخلية.
تصاعد الخلافات وأسبابها..
خلال الفترة الأخيرة او لنقل السنوات أن صح التقدير الزمني، شهدت الساحة الاجتماعية للجالية اليمنية في نيويورك تصاعدًا في الخلافات بين عدد من القيادات والأعيان، هذه الخلافات، التي بدأت في الأساس نتيجة تباين وجهات النظر حول إدارة الجالية ومصالحها، انحدرت سريعًا لتصبح صراعات شخصية لا تمت بصلة لمصالح الجالية العامة، حيث تركزت الخلافات على من يمتلك النفوذ والسيطرة على مناصب قيادية، بدلاً من خدمة المجتمع بشكل فعّال.
ومن أبرز مظاهر هذا الصراع تحول وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما منصة فيسبوك، إلى ساحة للجدال والردح والتجربح والانتقادات المتبادلة، وهو ما يعمّق التوتر بين أفراد الجالية بدلاً من استخدام هذه المنصات لتعزيز الوحدة والتعاون، أصبحت وسيلة لتبادل الشتائم والاتهامات، ما ساهم في نشر الكراهية وتقسيم الصف المجتمعي للجالية.
أدت هذه الخلافات إلى تأثيرات سلبية على صورة الجالية اليمنية في نيويورك، سواء داخليًا بين أفراد الجالية أو خارجيًا أمام المجتمع العربي و الأميركي ككل والمؤلف من مختلف الشعوب والأعراق، فبدلاً من أن تكون الجالية نموذجًا للتكامل والتعاون، تعكس هذه الصراعات ضعف الرؤية وضحالة الوعي لدى بعض قياداتها، كما تؤثر هذه الخلافات على النسيج الاجتماعي للجالية، حيث يزداد الانقسام بين أفرادها وتضعف الروابط التي من المفترض أن توحدهم.
تظهر هذه الخلافات بشكل واضح ضيق أفق بعض القادة والمشاركين في هذه الصراعات، حيث يفشلون في رؤية الصورة الأكبر التي تتعلق بتطوير المجتمع وتقديم خدمات حقيقية لأفراده، بدلاً من التركيز على القضايا المهمة مثل التعليم، التمكين الاقتصادي، والمشاركة في الحياة السياسية الأميركية، ينصب التركيز على صراعات شخصية لا طائل منها، هذا يعكس قلة الوعي بأهمية التعاون والتكاتف من أجل رفعة الجالية وتحقيق إنجازات تخدم الجميع.
(رسالة إلى أبناء الجالية)
في ظل هذه الأوضاع، من الضروري أن نوجه نداء إلى أبناء الجالية اليمنية في نيويورك للتركيز على ما هو أهم وفعّال، الجهود والوقت المبذولان في الصراعات يجب توجيههما نحو التعليم والتأهيل المهني والفكري، والتفكير في كيفية المساهمة في قيادة المدن والولايات والمؤسسات الحكومية الأميركية، المنافسة يجب أن تكون في ميادين الفكر والبناء، وليس في من يقود الجالية على حساب الآخرين.
إن بناء مستقبل مشرق للجالية يتطلب رؤية مشتركة تهدف إلى النهوض بالتعليم، وتعزيز العلاقات الاجتماعية، والمشاركة الإيجابية في المجتمع الأميركي، على الجميع تجاوز الخلافات الشخصية والالتفاف حول مصلحة الجالية العامة لتحقيق النجاح والتأثير الإيجابي في جميع جوانب الحياة.
في نهاية الرسالة أو الحديث البعيد كليا عن أي انحياز لطرف وشخص: يجب أن تعي قيادات الجالية اليمنية في نيويورك، وكذلك أفرادها، أن النجاح الحقيقي لا يتحقق من خلال الصراعات والانقسامات، بل من خلال الوحدة والعمل الجاد لتحقيق أهداف بعيدة المدى تخدم الجميع والبلد عامةً، وكذلك وطنكم الأم "اليمن".