في عالم يعج بالصراعات والهويات المتنافسة، باتت قضية الهويات الوطنية واحدة من أكثر المواضيع إثارة للجدل، خصوصًا في المجتمعات المتعددة الثقافات والديانات كاليمن. دوامة الهويات المتصارعة ليست سوى انعكاس لمشاريع رجعية ومتخلفة تسعى لتكريس الانقسام، وإضعاف اللحمة الاجتماعية، وتفكيك الدولة الوطنية لصالح أجندات ضيقة، سواء كانت طائفية، مناطقية، أو عرقية.
الهوية الوطنية الجامعة: مفتاح المستقبل
الحل لمواجهة هذا التحدي يكمن في تبني رؤية تقوم على مفهوم الهوية الوطنية الجامعة. هذه الهوية ليست مجرد شعار، بل هي إطار ثقافي وسياسي واجتماعي يعيد ترميم النسيج المجتمعي المتضرر، ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. 1. الهوية الوطنية ليست خيارًا، بل ضرورة: • اليمن بلد عريق ذو تاريخ مشترك يمتد لآلاف السنين، وجميع أبنائه يشتركون في إرث حضاري وثقافي يستحق أن يكون الأساس لهويتهم. • التركيز على الهوية الوطنية يساعد على تقليل التوترات الناتجة عن الهويات الثانوية مثل الانتماءات القبلية أو المذهبية. 2. ترميم النسيج المجتمعي أولى من الصراعات الهوياتية: • الصراعات على الهويات لا تخدم إلا الأطراف المستفيدة من استمرار الانقسام، مثل القوى الإقليمية أو الجماعات التي تسعى لفرض هيمنتها. • ترميم النسيج المجتمعي يبدأ بالاعتراف بالمساواة بين جميع المواطنين، واحترام تنوعهم ضمن إطار الهوية الوطنية. 3. كيف نحقق الهوية الوطنية الجامعة؟ • التعليم والتثقيف الوطني: يجب أن تُركز المناهج الدراسية والإعلام على تعزيز الفخر بالهوية اليمنية الجامعة بدلاً من تضخيم الانقسامات. • مشاريع تنموية عادلة: ضمان توزيع عادل للموارد والمشاريع التنموية يرسخ مفهوم الوحدة الوطنية ويقلل من الشعور بالتهميش. • خطاب سياسي موحد: يجب على القوى السياسية أن تضع الخلافات جانبًا وتلتزم بخطاب جامع يعزز الولاء للوطن بدلاً من الولاء للطائفة أو القبيلة. 4. خطر المشاريع الرجعية: • مشاريع الهويات الفرعية (السلالية، المناطقية، الطائفية) هي أدوات تُستخدم لإبقاء المجتمعات في حالة ضعف وتبعية. • التصدي لهذه المشاريع يتطلب وعيًا مجتمعيًا وبرامج مستدامة لإعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة. 5. الحاجة لمبادرات شعبية: • المجتمع المدني والنشطاء يجب أن يلعبوا دورًا محوريًا في خلق مساحات حوار وطنية تسلط الضوء على أهمية الهوية الجامعة. • مبادرات المصالحة بين مختلف الأطياف تعزز روح الوحدة والتكامل.
خاتمة: كلنا اليمن
دوامة الهويات الفرعية التي تعصف باليمن لن تدوم طويلاً. مع تصاعد الوعي الوطني، وظهور أصوات تدعو للوحدة بعيدًا عن مشاريع التخلف والرجعية، يمكن لليمنيين استعادة وطنهم وهويتهم الجامعة. الحل يبدأ بالتركيز على الإنسان، على الحقوق والواجبات المتساوية، وعلى رؤية مشتركة تجعل اليمن وطنًا لكل أبنائه.
13 يناير 2025
اكاديمية ودبلوماسية سابقا