كجندي ومواطن وقارئ بسيط لا أستطيع أن أقرأ كلمة القائد طارق صالح في مناسبة كتخرج دفعة جديدة من الإعلام العسكري، دون أن أستشعر رمزية اللحظة.. المناسبة ليست بروتوكولًا عاديًا، بل محطة تُمثل تجديدًا في أدوات المعركة، وتعزيزًا لجبهة الكلمة إلى جانب جبهة البندقية.
في هذا الحفل الذي جمع الكلمة بالميدان، والوعي بالبندقية، وقف القائد بخطاب اختصر فيه ملامح المرحلة، ورفع فيه الستار عن ما يُعدّ خلف الكواليس.
كلمته لم تكن مجرد تحية عابرة للخريجين، بل كانت بمثابة خطاب حال أمة، وتقرير موقف، وتأكيد على أن "المعركة الحتمية" لم تعد مؤجلة، وأن المقاومة لا تنتظر الوقت بل تصنعه.
حين قال: "المقاومة الوطنية تُعد العدة للمعركة الحتمية ضد أدوات إيران"، أدركت أنه يتحدث من موقع القائد الذي يرى الصورة كاملة.. إنها ليست معركة جغرافيا بل معركة هوية ضد مشروع غريب عن هذا الوطن.
أما تأكيده أن "لدينا من الإعداد والتجهيز والسلاح ما سيفاجئ العدو" فهو ليس تهويلاً دعائيًا؛ بل إنذار مبكر بأن ما يُجهّز خلف الأبواب، حقيقي، ووازن، وفعّال.. وهو كلام لا يصدر إلا من قيادة تثق بجاهزية رجالها وتعرف قيمة التوقيت.
حديثه عن تأهيل 10 آلاف مقاتل خلال عام واحد لم يكن استعراضًا رقميًا، بل رسالة واضحة أن البناء جارٍ بصمت، والإعداد لا يتوقف، وأن اليمنيين ليسوا وحدهم في المعركة بل في حالة استنهاض متصاعد.
ثم عندما تحدّث عن الإعلام العسكري، لم يُسقطه كأداة مساندة فقط، بل رفعه إلى مستوى "مجموعة قيم"، مشددًا على دوره في فضح جرائم الحوثيين، ورفع معنويات المقاتلين، وكسْر آلة الكذب الحوثية ، وهذا وعي نادر بدور الكلمة في الحرب، لا يملكه إلا من عرف قيمة الصوت النظيف وسط ضجيج التضليل.
وما قاله عن ازدواجية الحوثيين الذين "يدّعون نصرة غزة وقد أهدروا كرامة اليمنيين"، لم يكن خطابًا أخلاقيًا فقط، بل كان كشفًا صارخًا عن تناقض مشروعهم القائم على الشعارات المزيفة، والإرهاب الممنهج، والارتهان لإيران.
أنا، كقارئ لهذه الكلمة، شعرت أنها ليست مجرد خطاب مناسبة، بل بيان نضالي مكثّف، يستنهض الوعي، ويعيد تعريف الأولويات، ويرسم معالم المعركة القادمة.. معركة صنعاء، معركة الكرامة، معركة القرار الوطني