خرافة الولاية.. عيد الغدير بدعة سياسية وتزوير للقرآن

الرئيسية | مقالات | 11 يونيو 2025

ياسر غيلان

منذ أن ظهرت جماعة الحوثي كذراع طائفي مسلح، وهي تسعى بكل الوسائل لفرض خرافة ما تسميه "الولاية" كعقيدة دينية، في محاولة بائسة لتكريس سلطتها العنصرية والسلالية على الشعب اليمني، مستغلة جهل بعض البسطاء، ومحرفة آيات القرآن الكريم لخدمة مشروعها السياسي الكهنوتي.

يدّعي الحوثيون أن "الولاية" أصل من أصول الدين، وأنها امتداد لوصية إلهية بالقيادة لعلي بن أبي طالب، ويجعلون من هذا الأساس ذريعة لحكم اليمنيين بالقوة والغلبة. لكن الحقيقة أن هذه الخرافة لا سند لها من القرآن، ولا وجود لها في السنة الصحيحة، ولا في إجماع الأمة.

آية الولاية التي يكررونها ("إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ..." الآية 55 من سورة المائدة) لا تتحدث عن ولاية سياسية أو حكم، بل عن المحبة والنصرة، وهي عامة لكل المؤمنين، كما فسّرها جمهور العلماء. لكن الحوثيين يقتطعونها من سياقها، ويُلصقون بها معاني ليست فيها، ليصنعوا "ولاية سلالية" مقدسة فوق الدين وفوق الوطن.

فمن أعظم الشواهد على أن الرسالة ليست وراثة، أن الله سبحانه وتعالى لم يُبقِ للنبي محمد ﷺ نسلًا من الذكور. فقد توفي جميع أبنائه الذكور، كالقاسم وعبدالله وإبراهيم، في حياته. وهذه من حكمة الله عزوجل، حتى لا يأتي أحد بعده ويزعم أن النبوة تُورّث، أو أن الرسالة تنتقل بالنسب والدم.

لكن أتباع الولاية من الحوثيين وغيرهم، التفّوا على هذه الحقيقة الربانية، وادعوا أن الرسالة والقيادة الإلهية انتقلت عبر فاطمة الزهراء، إلى ذريتها من بعد، وكأنهم يفتعلون "سلسلة نسب" لتمرير سلطة دنيوية بلبوس ديني. وهذا يتناقض مع صريح القرآن الذي أكّد أن "ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين"، وأن النبوة انتهت به، فلا إمامة ولا ولاية تأتي بعده بتوريث.

وما يسمى بـ"عيد الغدير" الذي يحتفل به الحوثيون كل عام، ليس من أعياد المسلمين، ولا ذكر له في القرآن ولا في السنة. وهو مناسبة بدعية اخترعتها الأوساط الطائفية السياسية لفرض فكرة الولاية على الأمة، وجعلها مقدمة لاحتكار الحكم والسلطة في نسل معين.

يروج الحوثيون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بالخلافة لعلي يوم غدير خم، ويضخمون الحدث حتى يجعلونه فوق خطبة الوداع، وفوق القرآن نفسه! لكن الوقائع التاريخية والكتب الصحيحة، تثبت أن ما جرى في الغدير كان إعلان محبة ومكانة لعلي رضي الله عنه، وليس وصية بالحكم، وهو ما فهمه الصحابة والتابعون.

ولكن الأسوأ من كل ذلك أن الحوثيين لا يكتفون بالكذب على التاريخ، بل يذهبون لتحريف معاني القرآن نفسه، عبر تأويلات شاذة ومغلوطة، تجعل من الولاية ركناً إلهياً، ومن مخالفيهم كفارًا أو عملاء. يغيّرون التفسير، ويمارسون الوصاية على الدين، بل وينشئون منابر ومراكز لتلقين الأطفال تفسيرًا طائفيًا للقرآن، يختزل الإسلام في أسرة، ويختزل النبوة في جينات.

هكذا، يتعامل الحوثي مع القرآن كأداة سياسية، لا ككتاب هداية. يرفع شعارات قرآنية، لكنه يذبح بها الشعب، ويبرر بها سلطته العنصرية، ويقدّس بها سلالته.

وختاماً..

الإسلام دين عدل ورحمة ومساواة، لا يعرف السلالات المقدسة، ولا يعترف بوراثة الحكم عبر الدم. الولاية الحقيقية هي لله ورسوله وللمؤمنين، وليست لأسرة، ولا لطائفة، ولا لحاكم بقوة السلاح.

عيد الغدير بدعة سياسية، وخرافة الولاية أكذوبة كهنوتية، يجب أن تُفضَح وتُعرّى، لتبقى اليمن جمهورية لكل أبنائها، لا مزرعة للسلالة ولا مزرعة للطغيان.