لا ولاية لبشر على بشر.. والشرعية من الشعب لا من النسب

الرئيسية | مقالات | 12 يونيو 2025

محمد الصباري

في بلادٍ أنهكتها المحن وتناهشتها الخطوب، يخرج علينا من ظلمات الكهوف من يخلع على نفسه ثوب القداسة، ويتدثّر برداء الحق الإلهي كأنما في الأرض من وُلد ليكون سيدًا مطاعًا، وفي الناس من قُدّر له أن يكون عبدًا منزوع الكرامة...! ولكن هيهات، فزمن الخرافات قد انقضى، وعمائم السلالة لم تعد تُخدع بها العقول، ولا تزيف بها لغة الوحي المزوّر وعي الشعوب.

الولاية لا تكون إلا للشعب، وحده مصدر الشرعية، ومصدر السيادة، وكل ما عدا ذلك باطل يُراد به تثبيت الاستبداد برداء الدين.. لا يعلو فوق إرادة اليمنيين دستور، ولا يُفرض على هذا الوطن العريق وصي، بعد أن قدم من دمه ما يكفي لهدم عروش الطغيان وسحق أوهام الكهنوت.

من يتوهم أنه - ظل الله في الأرض- أو أنه فوق البشر نسبًا ومنزلة، فما هو إلا نافخٌ في رماد، يبعث أوهامًا لفظها التاريخ.. النبوة لم تكن نسبًا، والرسالة لم تكن حكرًا على بيت، فكيف تجرؤون أن تدعوا ما لم يُعطه الله حتى لأنبيائه..؟! ألم يكن محمد عليه الصلاة والسلام عبدًا رسولًا ..؟! فبأي عقلٍ تُقدسون من لم يُنزل فيهم وحي، ولم تُبعث إليهم رسالة؟!!

الشعب اليمني لم يُخلق ليكون قطيعًا يُساق إلى الذبح باسم آل البيت، ولا ليُحكم بعصا سلالةٍ باغية. لقد أدرك  - رغم الجراح-  أن الكهنوت لا يُنبت عدلًا، ولا يُثمر حرية، وأن الكرامة لا تُستجدى من طغاةٍ توهموا الألوهية وهم في هيئة حكام.

عودوا إلى جادة العقل يا جماعة الحوثي، يا أقبح سلالة إرهابية ظلامية عرفها هذا العصر، إن كان فيكم بقية رشد.. دعوا عنكم عبادة الأسماء والأحساب، فاليمن لا تُبنى بدولة يسكنها الوهم، بل بدولة مدنية عادلة عمادها القانون، وسقفها المواطنة المتساوية، وأداتها صندوق الاقتراع.

ليوقن ويُدرك من يُمني نفسه بسلطانٍ مؤبد يستند إلى خرافات، أن وعي اليمنيين اليوم أقوى من السلاح، وأن زمن تقديس البشر قد ولى.. ولن يعود.