الفار إلى إسطنبول بين الخزائن والهزائم السياسية

الرئيسية | مقالات | 24 سبتمبر 2025

محمد الصباري

كل مرة أقرأ فيها منشورات حميد الأحمر، أشعر بالدهشة، أو ربما بالغضب المختلط بالحسرة.. رجل يملك المال، لكنه عاجز عن امتلاك الحد الأدنى من الحكمة الوطنية.. كم يبدو غريباً أن يختار رجل من وزن حميد أن يتحدث وكأن اليمن مجرد لعبة تدور حول مصالحه الشخصية، وأن دماء الشهداء وقضية الوطن هي مجرد خلفية صامتة لصورة يختار أن يظهر بها، بينما هو ينظر من إسطنبول بعيدًا عن الوطن والواقع، فر إليها والحوثيون على مشارف عمران.

 

أنا لا أفهم، كيف لرجل يتباهى بثرواته وعلاقاته أن يغفل عن حجم المأزق الذي يعيشه الوطن، كيف يجرؤ على الحديث عن أروقة السلطة الفارغة والملاذات الوهمية، وكأن الوطن ليس بحاجة إلى تلاحم أبنائه، بل إلى كلمات أقل خطورة، وأفعال أكثر شجاعة، كل تصريح له يثبت أنه بعيد كل البعد عن الواقع، وأن مصالحه الخاصة تتقدم على أي شعور بالمسؤولية الوطنية أو الأخلاقية.

وأيضًا، العقوبات الأمريكية على شركاته بتهمة دعم حركات مشبوهة تثير التساؤل: هل كل ما يقوم به هو خدمة الوطن، أم خدمة مصالح شخصية على حساب دماء اليمنيين ومعاناتهم.. وكل ذلك بينما يمنحنا اليمنيون دروساً في التضحية والصبر والشجاعة، هو يلهو بالكلمات ويغرق في الماضي التنافسي الذي لا قيمة له اليوم.

أعرف أن النقد المباشر للحميد الأحمر قد لا يجد صدى في ذهنه، لكنه على الأقل يترك أثره عند من لا يزال يملك القدرة على التفكير، عند من يرى في هذا الوطن شيئاً أكبر من مصالح شخصية أو خزائن مليئة.. وكل مرة أكتب عن ذلك، أشعر بوجع شديد: وجع الوطن، ووجع الحرص على أجيال لا تفهم كيف يمكن لرجل واحد أن يضيع كل هذه الفرص، ويزيد الانقسامات بدلاً من توحيد الصفوف.

أنا لا أكتب هذا بغرض الهجوم الشخصي فقط، بل لأنني أرفض أن أظل صامتاً أمام فشل سياسي متكرر، أمام تواطؤ أخلاقي مستمر، وأمام غياب أي شعور بالمسؤولية تجاه وطن ينهار.. وصدقوني، كل منشور له، كل تصريح، ليس مجرد كلام، بل مرآة تكشف هشاشة شخصية، ضعف رؤية، وغرور مبالغ فيه لا يليق بمن يظن أنه يستطيع أن يلعب بمصير اليمن وكأنها قطعة شطرنج.