على سبيل المثال لالحصر {في صعدة وحجة، إذا سألتَ امرأة: "هل أنتِ شريفة؟"، ستجيبك: "بلا والله، أنا لستُ شريفة" — تقصد أنها ليست هاشمية} المصدر٠٠ [مقطع من مقابلة للأستاذ عادل الأحمدي رئيس مركز نشوان للدراسات، ومؤلف كتاب الزهر والحجر]
سؤالٌ بسيط كـ«هل أنتِ شريفة؟» يكشف عن بنية وعيٍ اجتماعي ما قبل التاريخ ، حيث لا تزال القيمة الأخلاقية تُستمدّ من النسب لا من الفعل. فالمرأة التي تجيب: «بلا، والله، لستُ شريفة» لا تُنكر فضيلةً ولا تُقرّ رذيلة، بل تحدّد موقعها في تراتبية رمزية متجذّرة في اللاوعي الجمعي: انتماؤها ليس هاشميًا.
هنا، النسب الهاشمي ليس مجرّد سجل دمٍ أو شجرة عائلة، بل نظام دلالي يحتكر الشرف والاعتبار والهيبة كما يحتكر السلطة. لقد استُبدل معيار العمل والخلق بمعيار سلالي، فأصبح الشرف موروثًا بالولادة، لا مكتسبًا بالسلوك والممارسة.
في مثل هذا المجتمع، تتحوّل الأخلاق إلى امتياز، والفضيلة إلى سلالة. تُغرس فكرة التفاضل بالنسب في عمق البنية الاجتماعية حتى يصبح الاضطهاد ذاتيًا: فاليمني هو من يحتقر نفسه أمام الهاشمي، لا الهاشمي مَن يطلب منه ذلك
تلك هي المفارقة الكبرى.. أن يتحوّل المقهور إلى حارس لنظام القهر، وأن يُعاد إنتاج الفوارق القديمة باسم القداسة لا باسم المصلحة. في النتيجة، ينكمش مفهوم «الإنسان» لصالح مفهوم «الدم»، ويتراجع العقل الأخلاقي أمام الخرافة.
إنها ليست أزمة نسبٍ فحسب، بل أزمة وعيٍ بالإنسان، وبالمعيار الذي تُقاس به القيمة في مجتمعٍ ما زال يقدّس الأصل أكثر مما يحترم الفعل.
11/11/2025 م