في كل مرة ترفع شعارات السلام أو يحتفى باتفاقيات تبدو وكأنها تضع حدًا للصراع، تظهر الحقيقة الصادمة: هناك من يستفيد فعليًا من إطالة الأزمة وتأجيل الحسم، وأبرز هؤلاء هم الحوثيون.
التجميد المؤقت لعجلة التحرير لا يمثل تقدمًا، بل فرصة للانقلابيين لترسيخ سلطتهم، وإعادة ترتيب صفوفهم، وفرض وقائع جديدة على الأرض.
التحركات العسكرية والسياسية تتجاوز كونها صراعًا على الأرض، فهي محك لتوازن القوة.. أي تأجيل أو تجميد للخطوات الاستراتيجية يمنح الحو«ثيين فرصة للتنفس وإعادة التموضع، ويضعف كل جهود المقاومة الوطنية.. والتفاخر بالاتفاقيات المؤقتة أو اعتبارها إنجازًا هو في الواقع خدمة مباشرة لمشروع الحو«ثي، وتمكين له من السيطرة، بينما يعكس قصورًا في الرؤية الوطنية.
التحرير الحقيقي لا يعتمد على وعود خارجية أو اتفاقات شكلية، بل على إرادة وطنية صلبة وقدرة على استعادة المبادرات الحاسمة.. كل يوم يتأخر فيه الحسم يعني يومًا إضافيًا لترسيخ سلطة الحوثيين، يومًا آخر لتعقيد المشهد، ويومًا إضافيًا من المعاناة للمواطنين.
الفارق بين الرؤية الوطنية والفهم الضيق يظهر في القدرة على تمييز بين السلام المؤقت والحرية الدائمة.. فالتنازل عن التحركات الحاسمة ليس طريقًا نحو الاستقرار، بل استسلام مقنع للحو«ثيين، أما التمسك بالمبادرات الجريئة فهو تعبير عن إرادة وطنية قادرة على فرض قواعد اللعبة قبل أن يفرضها الانقلابيون.
المعركة الوطنية اليوم ليست خيارًا شخصيًا، ولا طموحًا فرديًا، بل هي مسؤولية جماعية وحق مشروع لكل اليمنيين.. وكل خطوة نحو التجميد تحمل معها تكلفة كبيرة على المدى الطويل: تعطيل الدولة، تقوية الانقلاب، وإطالة أمد المعاناة.
لذلك، على كل من يرفع شعارات الوطن أن يدرك أن الطريق نحو السلام الحقيقي يبدأ من قوة الدولة، من تقدم المقاومة، ومن استعادة العاصمة ومؤسساتها.. أي احتفاء بتجميد هذه الجهود ليس سوى دعم خفي للانقلاب الحوثي وخيانة للمصلحة الوطنية العليا.
في معركة التحرير، لا مكان للقراءات الضيقة أو للاحتفاء بتجميد المسار.. كل تأجيل أو تراجع هو مكسب للحوثيين وخسارة للشعب اليمني.. الطموح الوطني الحقيقي لا يتجزأ، والهدف واحد: صنعاء عاصمة للدولة، والدولة قبل كل شيء.
* من صفحة الكاتب على فيسبوك