يفتش الكثير منا في جيناته الوراثية عن ذلك الوريث الشرعي " الحاذق "-- الذي يحمل على عاتقه إسم وسمعة عائلته شجرة " الحذق " المباركة بعيدا عن غابة " الخجفان" التي تحاول بعض أشجارها " التحاذق" عليها ومن ثم التسلق على سيقان " الحذاقة" عن طريق علاقات النسب والمصاهرة.
وفي محاولة جادة لخروجنا من غابة " الخجفان"- ننتظر مع كل مولود جديد بفارغ الصبر ذلك " الحاذق" على هيئة، طالب شاطر يفهمها وهيه طايرة بعد أن سحق بتفوقه جميع زملاءه " الهبل" في المدرسة،، أو موظف نمس يدخل حق إبن هادي وحق القات من الجن وخبرته" الجن" في العمل جالسين مقعيين له وهوه يدخل فلوس،،،، أو مشتري مفحوس يراجل الباعة في الأسواق لو ما يقلع عيونهم وعادهم يزيدوا " الخبيل " يخورجوه بما يطلب،،،، أو شخص" ذيب" لا يعنيه ولا يتدخل ولا يهمه ماذا يحدث في الشارع أو الحي الذي يعيش فيه من مشاكل ومضرابات ومصايحات بين الناس " المدبرين"،،،، أو رجل" مشحوط" داخل بيته يراقب كل شارده ووارده تحدث داخل الحوش والديوان والصاله والمطبخ...
ثم أما بعد...
في المدرسه ..
يظهر لنا ذلك الطالب "الحاذق" الذي يسابق زملاءه على الجلوس في الصف الأول،، شديد الحرص على عدم الاختلاط مع زملاءه في تبادل الادوات المدرسية من الأقلام والمساطر والكتب أو حتى من مجرد مشاركتهم وجبتهم السريعة في فسحتهم المدرسيه ،،، يرفض وبشده التعاون مع زميل له في الطاوله على حل مسألة رياضية محتار في التحقق من صحته بل ويمانع تماما من التلميح لزميله بالإجابة على سؤال " مزنوق " به صاحبنا ومش ناقص هذا الطالب إلا يعمل مع زميله تحقيق ليش ما ذاكر أمس وأين كان طولة الليل وليش لا يزيد باللعبة - ومن المحتمل أن يكون الأستاذ المراقب قد سمع كل حاجو،، وحين يحصل هذا الطالب على ترتيبه الأول- يكون اللؤم قد قتل بداخل هذا الطالب روح الإبداع والطموح والتميز الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه هذا الطالب.
في العمل..
يطلع لنا ذلك الموظف "الحاذق" الذي يجيد فك الشفرات الوظيفية والادراية التي يجهلها الكثير من زملاءه في العمل من خلال أساليب " الفهلوة" التي يتفنن في اداءها أمام المدير العام للحصول على ثقة ومباركة صاحب العمل لعمله الذي ربما قد يكون من صنيعة زميل له في العمل " أهبل" ما يعرفش كيف يحفظ حقوقه الفكرية،،، أو من خلال فنون " الشفلتة" التي ينفرد بها مع " الزبائن" طالبي الخدمه بعد أن إستطاع إقناع هؤلاء " المداليز" أن تلك الخطوات السريعة والطويلة التي قطعها بين طواريد وممرات المرفق الخدمي كان من أجل إنجاز معاملة طالب الخدمة ' مع إنه بيستغل وقت فراغه عن العمل داخل المرفق يسلم ويصبح على خبرته' لا أقل ولا أكثر لتبرير الحصول على حقه..
وحين يحصل ذلك الموظف على حق إبن هادي - يكون ذلك الموظف قد قتل في داخله روح النزاهة والمهارة والخبرة والامانة التي يجب أن يتمتع بها الموظف..
في السوق..
يطلع لنا ذلك المشتري "الحاذق" اللي جالس طول اليوم يعد المحلات والبسطات ويحصيها عددا كما يعد فلوسه إللي في جيبه على شان يشتري " كيلو طماط " قد قلع عين صاحب البسطه أكثر من مره تارة "يراجله " بالسعر وتارة يتأكد من الوزن وسلامة الوزنية من التلاعب ،،،، أو يشتري " قطع شربات" قد بهذل بصاحب العربية وسمع به خلق الله على شان يقول للناس إن صاحب العربية لا بيدفع إيجار ولا كهرباء ولا ضرايب على سب يبيع له الشربات بـ ١٠٠ ريال ،،، أو يشتري " درزن أقلام " من المكتبة قد له من الصباح معه ولا خرج معه لا طريق ساعة يشتي يجرب الكتابة بكل قلم وساعة يرجعه على شان اللون ما اعجبش..
وحين يحصل ذلك المشتري على ذلك التخفيض الذي يبحث عنه - يكون بخس ذلك قد قتل في داخله روح الضمير والرحمة وتقدير الاشياء والمسافات..
في الشارع..
يخرج لنا هذا الشخص الانعزالي الانطوائي الذي لا يكترث لما يحدث حوله من مشكلات إجتماعية تحتاج إلى تدخل فوري لإثبات إنسانيته في فض وحل كثير من المشكلات والقضايا الاجتماعية المتبادلة بين أفراد المجتمع،،،، وعلى طريق هذا الشخص "الحاذق" يطبق صاحبنا حرفيا نظريه " الباب اللي تجيك منه الريح سده واستريح "،،، لا يتدخل في المواضيع التي يترتب عليها تقديم يد العون والمساعدة لأحد جيرانه ومش ناقص إلا يقول: وليش ما يشقى على بطنه ويدور له مهره،،،، ولا يسير على ذات الطريق التي يحدث فيها عراك أو اشتباك بين اثنين عملا بمقتضى مفهومه للحكمه القائله " المفارع له نص الصميل"..
وحين يحصل ذلك الشخص على ما لا يعكر صفو مزاجه - تكون الانانية قد قتلت في داخل هذا الشخص روح التعاون والعدل والحق والصدق والاخوة التي يجب أن يتفاعل معها الإنسان في محيطه الاجتماعي..
في البيت..
يدخل علينا ذلك الرجل " الحاذق المشحوط " الذي يهابه كل صغير وكبير في شجرة العائلة وقد قام بجولة سريعة داخل محيط المنزل للتأكد من إغلاق جميع النوافذ التي يعتقد بأن الشيطان قد يدخل الى البيت من خلالها، قائمة بالضيوف والمدعوين الذين دخلوا البيت خلال فترة غيابه وفي حضوره،،، عدد قوارير الماء المفتوحة داخل المنزل بالنسبة إلى عدد الأفراد المتواجدين بداخله،،، عدد " المداكي " المستعملة هذا اليوم بالمقارنة بعدد المخزنين بالإضافة إلى كميه النفايات من بقايا القات والشراب والعصير واعقاب السجائر،،، آخر مسلسل أو عمل تلفزيوني جرى مشاهدته بالإضافة إلى عدد المشاهدات والاعجابات واللايكات وموضوعه من حيث الفكرة والابطال بالإضافة إلى شريحة المشاهدين للعمل من الصغار او الكبار أو النسوان أو الرجال..
وحين يحصل ذلك " الرجل المشحوط" على إجابات كافية لتساؤلاته - يكون الشك قد قتل في داخل هذا الرجل روح الثقة والمحبة والمودة والرحمة التي يجب أن يعيش من خلالها الإنسان في محيطه الاسري الذي يعيش به..
- وهكذا نكون قد قدمنا لكم خمسة نماذج فقط من ذلك الإنسان "الحاذق" الذي خرج من السوق عطل ونحن ننتظر منه ما يمكن أن يبدع به من حركات ونغمات وهمسات ولمسات تظفي على حياتنا نوعا من " الذكاء" المتوارى خلف أسوار الحذق الغير مجدي.