ثورة 26 من سبتمبر ثورة العلم ضد الجهل ، والمعرفة ضد الخرافة ، والتنوير ضد التخلف.. ثورة التصحيح والإرتقاء من براثين التخلف والإنحطاط إلى سمو الروح وذرى المجد!
ثورة اقتلعت الإمامة بعد أن عشعشت ردحا من الزمن قبع فيه الشعب في ذل ، ومهانة، وسوء حال، وبعد عن التنمية والمعرفة ، حتى انتشرت الخرافة في أوساط الناس كانتشار النار في الهشيم .. فما من صوت يطالب بأبسط حقوقه إذ كيف يطالب وهو لا يعرف ما هي حقوقه سوى الإنحناء وتقبيل الركب ودفع ما طلبه الإمام!
كان الجهل حاضرا وبقوة فلا يوجد من يقرأ ولا من يكتب ، أمية في كل المستويات ، فلا مدارس، ولا معلمون، ولا مدنية ولا دولة !
العبودية في أبهى صورها ، والخنوع بلغ حدا يستحيل معه وجود صوت معارض من أقصى البلاد إلى أقصاها.. لكم أن تتصورا شعبا يعيش بصورة بدائية يزرع ويدفع لمثمر الإمام ما يطلبه منه عن يد وهو صاغر، خانع ، مطيع !
لا يملك من أمره شيء ، ولا يع دوره في الحياة سوى الإمامه وما يأمرهم به ، فبلغ الإستخفاف بالعقول إلى أن دعاهم للقطرنه والخروج ، ففعلوا ما أمرهم به وخرجوا أضحوكة للإمام وحاشيته ؛ ليقول لأتباعه إن هذا الشعب في سبات ، وإن حكمنا طويلا!
وبالفعل استمر في حكمه ، واستمر الشعب في طاعته ، وزاد استغفال اﻹمام لشعبه لدرجة أن رسخ فيهم مفاهيم الخوف منه وأنه رقيب عليهم ، يعلم كل شيء عنهم ، فدب الخوف في قلوبهم وصدقوا كذبه وخزعبلاته لدرجة أن زرع فيهم " أحمد واجناه " بأن لديه جن يتحدثون معه ويخبروه بالأخبار ، مستغلا جهل الشعب بما يدور من حوله فظهر إنتاج الراديو فاستغله لاستغفال الشعب فرسخ لديهم أن ما يسمعونه من خلال الراديو هم جن الإمام!
بالإضافة إلى استغلاله المرآه فكان يقعد في مجلسه في مكان مصادر للمرآه المعلقة على الدرج فيرى الداخل إليه وهو طالع من الدرج قبل أن يصل إليه ، فيخبر من معه أن فلانا آت إليه فما يتم الحديث إلا ويدخل ، فهنا زاد إيمان الناس بأنه يعلم الغيب - والعياذ بالله - وأنه يعلم كل شيء ، فنشروا الخبر وتناقل العامة خزعبلات الإمامة ، وأذعن الناس أكثر ، فنقلوا إليه ما يدور خوفا منه لأنه يعلم ، ولهذا استحكم في الشعب أكثر ، فكانوا يرون أن استمرار حكمهم مقرونا بجهل الشعب، وأمية الناس ، لهذا منعوا عن الناس بناء أي مدرسة سوى مدرسة الإمام. فأصبح اليمن في ظلام دامس، يعيش الجهل والتخبط والضياع!
وبرغم هذه القتامة إلا أن الإمام دفع بأشخاص يعدون بالأصابع إلى العلم وابتعثهم للدراسة في الخارج أمثال الزبيري وغيره .. وهنا يكون بداية الغيث قطرة ثم يسيل الوادي ويعم السيل الشعاب من الأكام!
خرجوا فوجدوا العالم في تنمية واقتصاد، واليمن في ذيل القافلة ..هنا حملوا على عاتقهم السعي لنصرة الشعب، والعمل على الإطاحة بكابوس البلاد " الملكية " من سدة الحكم ومنع تسلطهم على رقاب الناس، إلى التخلص منهم بلا رجعة .. قرار احتاج منهم إلى عمل دؤوب ، وسعي مستمر، ونضال استمر طويلا ، فوقفوا بوجه الطغاة غير آبهين بحياتهم!
فحين يصحو الشعب من غفلته، يلتهم الطغاة ، وهذا ما حصل للشعب جراء التنوير والدعوات التي تلقوها من أبطال ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة برموزها.
إنها ثورة الزبيري ، وعلي عبدالمغني ، والثلايا، والهندوانه وغيرهم كثير من أبطال تلك المرحلة!
إنها ثورة الشعب حين يصحو ؛ فيلتهم الطغاة فلا يستطيعوا الوقوف بوجه الإعصار، وسرعان ما ثار الشعب بعد أن عرف كارثة حكم الإمامة.. وأن استمرار الملكية على حكم البلاد مأساة لا تضاهيها مأساة ، لذلك سقطت الملكية ، وانهار عش الإمامة ، وتمزق كيانه ، وتشردوا، وتمزقوا، وأعيد للشعب كرامته المسلوبة ، وتبددت الكآبة المعشعشه على جغرافيا الشعب ، وتنفس الشعب الصعداء في 26 من سبتمبر من العام 1962م. وبدأت مرحلة حياة جديدة لا خرافة فيها، ولا امتهان كرامة ، ولا ضياع حقوق!
وهكذا حين يصحو الشعب يقتلع كل من يقف بوجهه ، ويحيلهم إلى خبر كان!
فانتظروا مصير كل طاغية، وكل شيء سيكون في وقته ، فلا تيأسوا!.