حشد نت:
في غمرة التجاذبات السياسية في منطقة القرن الأفريقي، يظهر التعاون الإستراتيجي بين المغرب وإثيوبيا ملفتا، ومثيراً أيضاً بالنسبة لكثير من المراقبين..
لم تكن الزيارة التي قام بها رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الإثيوبية، برهانو جولا إلى المغرب عادية من حيث النتائج، حيث اتفق البلدان على تعزيز التعاون العسكري على أكثر من صعيد.
فتعزيز التعاون العسكري بين المغرب وإثيوبيا يأتي في وقت تشهد فيه القارة الإفريقية تطورات غير مسبوقة، خاصة في منطقة القرن الأفريقي التي تشهد تجاذبات سياسية مختلفة.
واعتبرت العديد من التحليلات الزيارة التي قام بها جولا الذي التقى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلّف بإدارة الدفاع المغربي، عبد اللطيف لوديي، وما أفضت إليه من نتائج، تعبيدا لطريق قد يفضي إلى سحب أديس أبابا اعترافها بجبهة البوليساريو، أسوة بدول أفريقية عدة استطاع المغرب إعادة توجيه بوصلتها نحوه بفضل شراكات استراتيجية واعدة.
وخلال لقائهما بمقر إدارة الدفاع الوطني بالرباط، ناقش المسؤولان حالة التعاون العسكري الثنائي واستكشفا السبل لتعزيز العلاقات الثنائية.
واعترفت أديس أبابا لأول مرة بجبهة البوليساريو عام 1979، وظلت من أهم مناصريها قبل أن يتباطأ مستوى الدعم في العقد الأخير، الذي شهد تطورات ملحوظة في مستوى العلاقة الثنائية المغربية الإثيوبية بدأت مع الزيارة التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس إلى إثيوبيا عام 2016.
ويعمل المغرب على تعزيز دبلوماسيته اقتصاديا وسياسيا وعسكريا مع العديد من بلدان القارة الإفريقية، من خلال إبرام الكثير من الاتفاقيات والمشاريع والشراكات التنموية المختلفة.
تعاون وخلافات
ويأتي التعاون المغربي مع إثيوبيا، في وقت تتصاعد فيه الخلافات المصرية الإثيوبية، وكذا التجاذبات المتعددة في منطقة القرن الأفريقي الذي تتقاطع فيه مصالح عدة دول بسبب التحالفات المتباينة والمصالح المتضاربة بين دوله التي تعيش تحت وطأة تجاذبات عدة أقطاب بينها الصين وتركيا وروسيا، وأيضا مصر التي أرسلت مؤخرا شحنة كبيرة من المعدات العسكرية إلى الصومال، في خطوة تعدّها إثيوبيا تهديدا مباشرا لمصالحها الأمنية في المنطقة.
وتأزمت العلاقات بين إثيوبيا والصومال بشكل أكبر بعد توقيع أديس أبابا اتفاقا بحريا مع إقليم أرض الصومال.
ويمنح الاتفاق، الذي تم في الأول من يناير الماضي، إثيوبيا حق استخدام 20 كيلومترا من ساحل أرض الصومال على خليج عدن لمدة 50 عاما، في مقابل اعتراف إثيوبيا بالإقليم دولة مستقلة، وهو أمر لم تفعله أية دولة أخرى منذ أعلنت أرض الصومال استقلالها من جانب واحد في عام 1991.
وتتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، ولا سيما في أوقات الجفاف، لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.
في حين تقول إثيوبيا إن السد ضروري لأغراض التنمية، خاصة من خلال توليد الكهرباء، وتشدد على أنها "لا تستهدف الإضرار بأي طرف آخر".