أنعكست الحرب الإسرائيلية على غزة سلبياً على أمريكا وإسرائيل لدى العالم والشعوب الغربية، فجرائم الإبادة والتدمير المريع لللمدن كشف إرهاب اسرائيل، ونزعتها لإنهاء ما تبقى من الشعب الفلسطيني.
الشعوب الغربية صارت تضغط على حكوماتها بإيقاف الدعم لإسرائيل، وبعض الدول كجنوب أفريقبا وبعض الجماعات الإنسانية الغربية، صارت ترفع دعاوى للمحاكم الدولية ضد إسرائيل.
محكمة الجنايات الدولية أظهرت التحيز التام لإسرائيل وأنكشفت سوءة النظام الدولي الزائف بشكل أكثر فجاجة، والرئيس الأمريكي نفسه لم يعد قادراً على إقناع الكونجرس بإستمرار الدعم المالي والعسكري لإسرائيل.
وإدارة بايدن قد تخسر الإنتخابات القادمة إذا أستمرت إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية وتدمير المدن بشكل نهائي، لذا فهي مضطرة لتحذير إسرائيل بعدم الدخول إلى رفح وعدم مهاجمة الضفة (رغم أن رفح صارت أطلالا).
غير إن إسرائيل غير آبهة وتسير وفق خطة مرسومة لتصفية القضية الفلسطينية بشكل جذري، ما يضطر إدارة بايدن -أحيانا- لتعلن أن إسرائيل تتمرد على رؤية البيت الأبيض!
كل هذا كان يستلزم مسرحية جديدة بإخراج محكم لإعادة خلق المبررات الكافية لاحتشاد الغرب مجددا حول اسرائيل.
لا بد من إظهار إسرائيل بأنها مهددة وبموقف دفاع عن نفسها لكي يحتشد الغرب لنصرتها ومساعدتها عسكرياً ومالياً، فالشعوب الغربية لن تسكت عن دعم حكوماتها لإسرائيل ما لم تجد مبرراً منطقياً لذلك، والمبرر الوحيد هو إثبات أن إسرائيل مهددة من إيران.
لا بد من مسرحية أخرى أكبر أو لا تقل عن مسرحية البحر الأحمر ومهاجمة السفن، لكي يحتشد الغرب مجدداً في البحر المتوسط بمحاذات فلسطين، بمبرر دعم إسرائيل وحمايتها من إيران.
التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل تم على أساس أن تقوم إسرائيل بمهاجمة سفارة إيران في سوريا، فترد إيران بشكل خفيف يبعد عنها الحرج أمام الشعب، وتكسب إسرائيل التعاطف الغربي، فيما تحصل إيران على صفقة ما مقابل في مكان ما.
النظام الإيراني ذاته يحتاج للتخلص من بعض ضباطه العقائديين الذين صدقوا العداء الشكلي بين إسرائيل وإيران، وصاروا يشكلون عقبة أمام المسرحيات الجديدة.
بدأ تنفيذ المسرحية 1 أبريل فهاجمت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق وقتلت الجنرال محمد رضا زاهدي وعدد من الموظفين في القنصلية، وانكسرت صورة إيران أمام شعبها والعالم، وصار الرأي العام العالمي يترقب الرد الإيراني.
بعد 13 يوماً ردت إيران بشن هجمات بمسيرات وصواريخ على إسرائيل، بعد أن أبلغت الإدارة الأمريكية والغربية بذلك مسبقاً.
اشتركت القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والإسرائيلية في التصدي للمسيرات الإيرانية! أي أنها كانت قد رتبت مسبقاً للمسرحية وإخراجها بهذا الشكل، لينشأ حلف عسكري غربي جديد في البحر المتوسط وبلاد الشام بمسوغ الدفاع عن إسرائيل.
صرفت الهجمة الإيرانية الكاذبة الرأي العالمي عن جرائم إسرائيل في غزة وفلطسين وأطماعها في تصفية القضية الفلسطينية، وقدمت إسرائيل للعالم مجدداً كمدافع عن نفسها، وفي ذات الوقت أنصرف الرأي العام العالمي عن قضية فلسطين والشعب الذي يتعرض للإبادة بالألة الإسرائيلية ليهتم بخدعة الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
الرأي العام العالمي صار مهيأ الآن أكثر لحرب عالمية محورها الشرق الأوسط، لكن إيران لن تحارب على الحقيقة وإنما تصنع المبررات اللازمة لتعزيز تواجد القوات الغربية والأمريكية في بلاد الشام والبحار العربية.
هذا الحضور بالتأكيد سيشكل ضغطاً على التواجد الروسي في سوريا والمنطقة، وهو في ذات الوقت تهديداً للمصالح الصينية في مصر.
إيران تعمل بالتنسيق مع أمريكا والغرب لنقل الصراع الدولي من أطراف أوروبا إلى قلب العالم العربي لتتقاسم الجغرافيا والنفوذ لاحقاً مع إسرائيل والغرب.
* رئيس تيار نهضة اليمن