صنعاء هي أول من بدأت فصل العملة في سبيل تعميق الانقسام النقدي بين عدن وصنعاء وذلك من خلال اعتماد الطبعة القديمة من الريال اليمني كعملة خاصة بها، ومنعت بل وجرَّمت تداول المطبوعات الجديدة الصادرة عن البنك المركزي عدن المعترف به دولياً والمناط به عمليات الإصدار النقدي، والهدف جزء من حرب اقتصادية يخوضها طرف واحد، واتجه إلى حصر أثر الإفراط في الإصدار النقدي في المناطق الخاضعة لحكومة الشرعية، وهذا كان له تداعياته الاقتصادية، هذا ما عملته صنعاء أولاً.. ثم قامت ثانياً باعتماد أدوات سعر الصرف كجزء من سياساتها النقدية من خلال اعتماد نظام سعر الصرف الثابت بدلاً عن نظام سعر الصرف المعوم المرن المتبع من قبل البنك المركزي عدن بموجب التزماته الدولية، حيث حددت صنعاء سعر صرف صورياً ثابتاً عند مستوى 530 ريالاً للدولار تقريباً؛ بهدف إحداث فرق كبير بين سعر الصرف في عدن وسعر الصرف الذي حددوه والغاية إلحاق أفدح الأضرار بالمستوى المعيشي للمواطنين في عدن، وكجزء من الحرب الاقتصادية التي تبنتها مستغلة ميزة تواجد مقرات المؤسسات المالية والتجارية في صنعاء عدا عن توفر الظروف الطبيعية المناخية الزراعية النسبية والتي تسمح لصنعاء بتصدير المنتجات الزراعية إلى الجنوب بما في ذلك سلعة القات والتي عمدت إلى تحويل قيمتها يومياً بالدولار أو بالريال السعودي، وهو ما شكل ضغوطاً كبيرة على طلب الدولار ويستتبع ذلك الريال السعودي في عدن ومناطق الشرعية الأخرى بما يلحقه ذلك من أذى وتآكل لدخول المواطنين.
كما اتخذت مجموعة من الإجراءات الانتقائية تدخل ضمن أدوات سعر الصرف ومنها تقنين التحويلات إلى عدن، وفرض سيطرة كاملة على سوق الصرف باستخدام أدوات قاسية تصل حد المصادرة للشركات أو البنوك التي كانت تحاول اعتماد سعر السوق، ولذلك أصبح سعر الصرف الثابت في صنعاء لا يؤثر إيجابياً على أسعار السلع والخدمات في مناطق سيطرة الحوثيين ولكنه يؤثر سلباً على أسواق عدن وما حولها.. وفي سبيل تنفيذ هذا الاتجاه نسقت صنعاء مع البنوك والتجار ورجال المال في صنعاء والنتيجة إلحاق الضرر بمواطني الجنوب والمناطق الأخرى الخاضعة للشرعية.
اليوم مع الصحوة المتأخرة للبنك المركزي عدن المعترف به دولياً الذي وجه بسحب العملة القديمة ما قبل 2016م ومنع التعامل مع البنوك التي مقراتها في صنعاء، وعلى النطاق الدولي والتي امتنعت عن تنفيذ قرار البنك المركزي بنقل مراكزها إلى عدن مع الإبقاء على نشاطها بدأت ردود الأفعال الغاضبة والمتهورة والتي تتهم بأن ما قام به البنك المركزي عدن من إجراءات يأتي في سياق مخططات العدوان، وهي نفس الأسطوانة المشروخة المتبعة، رغم أنهم في حقيقة الأمر يعرفون ويدركون أن هذه الإجراءات والتي ستتطور حسب الحاجة لا تخرج عن سياق السياسة النقدية للبنك المركزي وكحق سيادي له وجزء من أدواته النقدية الكمية والنوعية لكن مرة أخرى.. ما نود أن نؤكد عليه أن لا شأن لأحداث البحر الأحمر أو أي أحداث أخرى بالمنطقة بما اتخذه البنك المركزي انطلاقاً من موقعه في العاصمة المؤقتة عدن، بل ولا شأن له إطلاقاً بالوضع السياسي القائم في المنطقة، ولكنه جزء أصيل لا يتجزأ من مهام البنك المركزي وإن جاء متأخراً.