حزب الله الذي كان يرفض كل دعوة لوقف إطلاق النار في سوريا، والذي تمنى أمينه العام الراحل حسن نصر الله أن يلتحق بالحوثيين، و"يجاهد" تحت قيادة "السيد عبدالملك"، في اليمن، رافضاً أن يكون وسيطاً بين اليمنيين، لأنه حسب تعبيره: "طرف في هذه الحرب وليس وسيطاً"، هذا الحزب يوافق اليوم على مقترح تقدم به "الأخ الأكبر" نبيه بري لوقف إطلاق النار في لبنان بشرط توقف الحزب عن "إسناد غزة".
بطبيعة الحال، حفظ الدم اللبناني والفلسطيني مطلوب، وهذه حرب غاشمة وغير متكافئة على غزة ولبنان، ولكن هناك سؤال موجه للذين انطلقوا من منطلقات دينية، وقالوا إنه لا يجوز الشماتة في "الأخ المسلم" الذي قتله "العدو اليهودي"، ومع كامل الاعتبار لطرحهم، ومع أن الشماتة لا تليق، وبما أنهم بنوا طرحهم على أسس دينية، فإن السؤال الآن هو: ما رأيهم في "الأخ المسلم" الذي رفض ولا يزال يرفض الصلح مع المسلم في سوريا واليمن، فيما هو يقبل الصلح مع "العدو اليهودي"؟ وسؤال آخر هو: هل كان هذا "الأخ المسلم" يمثل حقاً الإسلام، حين كان يرقص على أشلاء المسلمين في سوريا، ويرسل خبراء صواريخه وطائراته المسيرة لقتل المسلمين في اليمن؟
المشكلة أن موافقة الحزب على وقف إطلاق النار مقابل التخلي عن غزة رُفضت من طرف مجرم الحرب نتنياهو، أما الأمريكيون فاعتبروا أنها "جاءت متأخرة".
نعم… هذه المجازر ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يجب أن تتوقف وستتوقف، لأنها هذه الحرب بلا أخلاق، ولكن هل سيستوعب "الأخ المسلم" الدرس؟ هل سيعي أن قتاله في أكثر من بلد عربي أمر لا علاقة له بالمقاومة، قدر ما له علاقة بمشروع إيران في التوسع الطائفي، وأحلام السيطرة الإمبراطورية؟
هل سيدرك أن حركات المقاومة لا تكون أدوات، وأنها تحصر نضالها في بلدها، وضد من يحتل أرضها، وأنها يمكن أن تقبل الدعم، ولكن لهدف تحرير وطنها، لا للتدخل في البلدان الشقيقة خدمة لمشاريع مموليها، ولو على حساب وطنها وشعبها؟
مجرد تساؤلات على شفا هذا الحريق…