إخراج الجن المتلبسين بالإنسان

الرئيسية | مقالات | 24 يناير 2025

ماجد زايد

كان الصراخ القادم من مكان جانبي بأحد شوارع صنعاء مخيف جدًا، رجل يصرخ بأعلى صوت كأنه في جحيم العذاب، وصوت أخر يصيح بأيات قرآنية يتلوها بغلظة شديدة، صوت الصراخ يرتفع، والآيات القرآنية تزداد في وقعها على الرجل، إقتربت قليلًا نحو الباب، كان مفتوحًا نحو ممر مظلم باتجاه الداخل، لم أجرؤ على الدخول، إنتظرت قليلًا بينما صوت الرجل يزداد وجعًا وصراخا، إقترب أحدهم مني، وهو لا يبالي بشيء مما يحدث، سألته: ماذا يجري هنا؟! قال: لا تخف، هذا مركز للعلاج بالقرآن الكريم، وإخراج الجن المتلبسين بالإنسان! 

هذا الأمر عجيب جدًا، لم أكن أتوقع بأن هذه الأفكار مازالت قائمة، ومعالجي القرآن مازالوا يمارسون هذه الأوهام، بعدها هززت رأسي وغادرت المكان، وبقي صوت صراخ الرجل يتكرر في رأسي، عن وهم الجني الراكب للإنسان اليمني، عن المريض النفسي بينما يقتلونه وهمًا وخداعًا وزيفا، ومع هذا كله عادت الى خيالي بعض ذكريات قديمة، عن أحد أقربائي المرضى النفسيين في الماضي، حينما أخذناه للعلاج في مركز محمد الإمام بمعبر محافظة ذمار، وكيف أنهم قرأوا عليه الف مصحف بألف صوت، ثم ضربوه وجلدوه وسكبوا عليه أمورًا غريبة، لكنه لم يشفى ولم يعقل أبدًا، ولم يخرج من رأسه أيّ جني، وبقي مريضًا نفسيًا حتى مات، بقي يعاني أوهام الجن والتلبس والسحر والمؤامرات، وخسر كل ما جمعه في حياته ثم مات دون لحظة علاج واحدة. 

لتمر علينا السنوات تلو السنوات، ويتكرر المشهد اليوم في مكان أخر بصنعاء، مشهد التخلف والوهم والخداع، وخسارة الأموال، مشهد الجن الأغبياء بينما يتركون كل سكان العالم ليتلبسون بأجساد اليمنيين الميتة، ليتكرر السؤال هذا مجددًا في كل مرة، هل الجن أغبياء الى هذا الحد ليتركون كل سكان الدنيا، ويختارون اليمنيين في القرى والريف والمدن الفقيرة لكي يركبونهم ويتلبسونهم؟! الآ يفكر هؤلاء الجن الأغبياء ولو لمرة واحدة بركوب جسد نانسي عجرم أو هيفاء وهبي، بدلًا عن جسد حمود محمد ناجي صالح الخولاني؟!

من حائط الكاتب في فيسبوك