كلما حفر لهم الحوثي خطابًا لإكراههم على الانسياق وراء هرائه، ابتعدوا عنه بخطابهم وسلوكهم الخاص.
لم يكونوا مجرد رد فعل، بل أداروا له ظهرهم كنوع من العزل المعنوي له عن مدينتهم الأبية.
في الآونة الأخيرة، عبّر شباب إب عن حضورهم ونشاطهم الكبير؛ مرة في حملة تضامن لبناء منزل، وأخرى في عرس لشباب المدينة، أو حتى في إثارة تضامن شعبي حول قضايا قتل تسعى السلطة إلى حرف مسارها عن العدالة.
كل هذا الحماس ليس إلا تعبيرًا مكبوتًا بفعل قمع الحوثي لكل نشاط سياسي، وتسليط قوته الغاشمة على رقاب الناشطين.
فالإنسان بطبيعته يسعى لتطوير ذاته من أجل البقاء تحت أقسى الظروف وعوامل التعرية. ولولا ذلك، لكان اندثر كأي كائن لم يستطع مجابهة تلك العوامل. والمواجهة لا تكون بالتهور والانتحار، بل بالشكل الذي يجعل تلك العوامل تعجز عن محوه من الوجود.
تحية لهؤلاء الشباب الذين يشقّون طريقهم للحياة وسط صخرة الكهنوت الصماء.
ورغم أن تلك التعبيرات قد لا تكون مقصودة أو ذات طابع سياسي مباشر، إلا أنها نابعة من جذور جمهورية خالصة.
ورغم ابتعاد الشباب عن السياسة بوعي وحنكة، إلا أنهم يكيّفون الظروف ليقولوا بوضوح: نحن هنا!
نحن هنا، نقاوم الموت والهراء بطريقتنا الخاصة للحياة.
إب الجمهورية لها طريقتها وسلوكها الخاص في مقاومة التجريف الحوثي. كلما أغلقوا نافذة، انهمر الشباب كسيلٍ يزيح هراء الحوثي عن حياتهم، ويصنعون خطابهم الخاص، وهمّهم الخاص، وتوجههم الذي لم ولن يلتقي مع عبدالملك الحوثي.
وهكذا تقول التجربة.
*من صفحة الكاتب على منصة "إكس"