في تعز اشتعلت الدنيا والناشطون والمحامون والنت من أجل كلمات أغنية، وثارت الحمية والانتقادات والشتم والتعصب الأحمق من أجل كلمات أغنية، وظفتم إعلاميين وناشطين لدرجة أن محامين رفعوا عليها دعوى في المحكمة، وقُتلوا ناس في عرس بسبب كلمات أغنية!
حقيقة، "إلا التفاهة أعيت من يداويها". ولا ندري ماذا نقول عن مستوى التفاهة الذي وصل إليه البعض، والسلطة التي تحكم تعز.
فقد قامت ثورة غضب بسبب أغنية في حين أن تعز في أمس الحاجة للانتفاض على كل بؤس وعذاب وشقاء تعانيه..
كان حريا بهم أن يوظفوا كل هذه الانتفاضة لما يخدم تعز ومصالحها الخاربة، وخدماتها المتردية التي لا يناضل أو يتكلم عنها أحد.
صابرون وصامدون ومتحملون كل الظلم والظلمات، بينما كلمات أغنية اخرجتهم من جحور صبرهم وصمتهم.. يا للعار!
صمتم عن مشكلة الكهرباء، ولم تجدوا لها حلًا، رغم وجود محطة بعصيفرة وكفيلة بإنارة تعز وضواحيها!
سكتم عن جفاف تعز بلا ماء. ونساء واطفال تعز من حارة لحارة "بجالونات الزيت" يتوسلون قطرة ماء!
صبرتم على انفلاتات أمنية، وجبايات موارد، ولصوصية، وانتهاك لحقوق الإنسان التعزي، وغلاء فاحش، واختناقات مرورية بشارع وحيد تحكمونه وما عرفتم تحكمونه وتضبطون سوقكم!
فلو كنتم وظفتم كل هذا الغضب لتوفير خدمات لتعز لكان أفضل من تجنيدكم لحقكم "الشقاة" للحمية الحمقاء، والعذر "الحفاظ" على الأخلاق..
لو كنتم جندتم هذا الشجب لحقوق تعز، لكنتم خدمتوها، لكنكم تافهون وتركضون بعد الحماقات والمكايدات السياسية التي خرّبت تعز، وحوّلت التعزيين من رجال جبهات وثقافة وعلم، ل"مجموعة حمقى وأرجوزات متحركة تُنفذ ما يملى عليها".
اهتزت عروشكم على كلمة في أغنية، ولم يرمش لكم جفن من منظر المجاري الطافحة والقمامة المتكدسة في كل شبر من تعز، وروائح العفن تخنق الارواح قبل الانفاس.
اهتزت حميتكم من لحن ولم يهتز فيكم رمش، من منظر الاختناق المروري بتعز، ولا من كهرباء مسروقة، ولا من جوعى ومتسولين يلتحفون تراب الشوارع وبراميل القمامة ليلًا ونهارًا.
لم يرف جفنكم لنا ونحن ندخل بيوتنا في نهاية النهار، نتحسس رؤوسنا إن ما زالت في مكانها فوق اكتافنا، أو بترتها رصاصة طائشة لأشعث بلطجي متبندق في تعز، في ظل انفلات امني، وجهات أمنية صارت تخشى من المجرمين وتدللهم بظلها اليوم، يوم لا ظل إلا ظلها.
كل هذا البؤس والشقاء التعزي أمامكم كل ثانية، بينما في المقابل تثور حميتكم على كلمات أغنية ستذهب لحال سبيلها، وسيبقى عاركم وبلادتكم وحماقتكم مدوية على تعز.
ياهذا وذاك، إن الفضيلة والأخلاق والشرف لا تجتثها مجرد كلمات أغنية، فهي مبادئ متأصلة فينا، لكن ما يُدمي ويؤثر في الأجيال القادمة، تعاميكم عن كل مآسي تعز وجريكم وراء التفاهات..
أخرِجوا تعز من تصفيات حساباتكم السياسية المتعفة ولا تتخفوا وراء كلمات أغنية بينما المغزى سياسي قذر..
كونوا لتعز وقضاياها لتكن لكم ولا تلفظكم كما لفظت غيركم.
ما تفعلونه عار.. وأنتم عار على تعز