حشد نت - الصحوة نت
مر عام 2024 كئيبًا وقاسيًا على العاصمة المختطفة صنعاء، التي ظلت أسيرة لسطوة ميليشيات الحوثي التابعة لإيران وما يطال سكانها من قمع وتدهور في الأوضاع المعيشية. إضافة إلى ذلك، لم تسلم من الهجمات العدوانية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت مدنية بحتة خلال الربع الأخير من العام.
وتعرضت محطات الكهرباء ومطار صنعاء الدولي لغارات عدوانية إسرائيلية مرتين خلال الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر 2024، مما أسفر عن أضرار بالغة ووقوع ضحايا مدنيين من العمال والمسافرين.. هذه الهجمات لاقت إدانة واسعة من قبل الحكومة الشرعية وشعب اليمن، وهي امتداد لجرائم الاحتلال.
وفي ظل هذا الوضع، خلق الحوثيون حالة استنفار ضد السكان، حيث شنت ميليشياتهم أوسع حملات اختطاف شملت كوادر وخبراء في مجالات التعليم والتربية، بالإضافة إلى موظفين في منظمات محلية ودولية وعاملين في السفارات الأجنبية باليمن. التهم الموجهة إليهم كانت دائمًا التخابر، وهي تهمة ثابتة لكل خصوم الحوثيين.
الوضع المعيشي
خلال عام 2024، كانت الحصيلة المعيشية مريرة لليمنيين في صنعاء، حيث عاشت الأسواق حالة من الركود نتيجة انهيار القدرة الشرائية للمواطنين. يشكو التجار والبائعون في الأسواق الشعبية والمولات التجارية الكبيرة من انخفاض أعداد الزبائن.
ويتفاقم الجوع والحاجة في أوساط السكان. وقال أحد الإداريين في إحدى المولات التي تبيع المواد الغذائية: "هناك تراجع كبير في نسبة المبيعات خلال العام 2024، وفق مؤشرات التقارير الفصلية لقسم المبيعات".
وأضاف: "أسوأ ما شهدناه هو انتشار السرقات في السوق، غالبًا ما تكون خبزًا أو معلبات غذائية أو حليبًا، وهو مؤشر على الحاجة التي تدفع الناس لهذا الأسلوب الذي يتصاعد ومن الصعب إيقافه".
وأردف الإداري: "من المحزن أن نرى امرأة تدخل السوق وتسرق زبادي وخبزًا، ثم تخفيها لتتجاوز الحساب. نرصد ذلك بالكاميرات، والموقف يثير الشفقة لأن هناك أسرًا معدمة".
وصنف مؤشر الجوع العالمي لعام 2024 اليمن كثاني أعلى دولة من حيث معدلات الجوع، مع استمرار الأزمة الغذائية الحادة.
ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، "بلغت نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية في مناطق الحوثيين 57%، وهي نسبة مرتفعة جدًا مقارنة بالعام الماضي".
وحذرت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة في نوفمبر 2024 من أن أكثر من نصف سكان اليمن سيظلون بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة خلال 2025.
وأضافت: "تفاقم الأزمة قد يؤدي إلى دخول العديد من المناطق، خصوصًا تلك الخاضعة للحوثيين، في مرحلة الطوارئ، حيث يواجه العديد من الأسر فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، مما يؤدي إلى سوء التغذية الحاد".
القتل والاعتقال
شهدت صنعاء في عام 2024 تسجيل أكثر من 327 حالة انتهاك ارتكبتها ميليشيات الحوثي، شملت القتل العشوائي، والتعذيب، والهجمات على المناطق السكنية. كما زادت الاعتقالات ضد العاملين في المجال الإنساني والناشطين في المجتمع المدني.
ورصدت منظمة العدل والمساواة 560 حادثة قتل، راح ضحيتها 600 شخص، بينهم 140 طفلًا و50 امرأة. ومن بين الضحايا 65 معتقلًا.
وسجلت قرابة 2400 انتهاك في صنعاء منذ بداية العام، 64% منهم من الأطفال والنساء.
كما طالت الاعتقالات نحو 800 يمني، وتجاوز عدد المعتقلين في سجون الحوثيين أكثر من 10,400 معتقل. بلغت حصيلة حالات الاعتقال من النساء نحو 120، ومن الأطفال 95، ومن الصحفيين والناشطين الحقوقيين 60.
حملة اختطافات
في يونيو، نفذت ميليشيات الحوثي حملة اعتقالات طالت عشرات الموظفين في الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية وناشطين في المجتمع المدني.. بلغ عدد المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة 19 موظفًا. كما طالت الاختطافات ناشطين وصحفيين في العاصمة صنعاء.
وفي أكتوبر، كشفت وزارة حقوق الإنسان أن ميليشيات الحوثي اختطفت نحو 70 ناشطًا مدنيًا من منازلهم، بينهم 5 نساء، و19 من موظفي الأمم المتحدة.
في 16 سبتمبر، اختطفت ميليشيات الحوثي الكاتب الصحفي محمد دبوان المياحي من منزله في صنعاء، واحتجزته في أحد سجونهم، بينما منعت أسرته من زيارته أو التواصل معه. جاء اختطافه بعد منشور على فيسبوك انتقد الحوثيين.
تصفيات في السجون
شهدت سجون ميليشيات الحوثي في صنعاء تصفيات للمختطفين، وفقًا لرابطة أمهات المختطفين، تم تصفية نحو 13 مختطفًا في سجون الحوثيين نتيجة للتعذيب والإهمال المتعمد.
ومن بين الذين تمت تصفيتهم، الخبير التربوي محمد خماش (55 عامًا)، حيث أعلنت ميليشيات الحوثي عن وفاته بعد ثلاثة أشهر من اختطافه.
كما توفي التربوي صبري الحكيمي في ظروف غامضة بعد نحو 6 أشهر من اختطافه دون توجيه أي تهمة له.
وفي أكتوبر، توفي الأسير محمد عبد الله سليمان من أبناء مديرية جبل الشرق بمحافظة ذمار، تحت التعذيب في سجن الأمن المركزي بصنعاء.
كما توفي الضابط السابق في الحرس الجمهوري عبد الله فتحي سالم في السجن الحربي بصنعاء جراء التعذيب الشديد والإهمال الطبي بعد 8 أشهر من اختطافه.
وفي نوفمبر، توفي ناصر عبد الإله مقبل في سجن القبة الخضراء نتيجة التعذيب والحرمان من النوم لفترات طويلة.
عام أسود على المرأة اليمنية
واستحق العام 2024 لقب "العام الأسود" على المرأة اليمنية حيث شهد هذا العام 1250 انتهاكًا ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق النساء، منها 500 في العاصمة صنعاء، شملت 180 حالة اعتقال، و5 حالات محاكمات تعسفية، و72 حالة انتهاك لفظي وإهانة عامة، و40 حالة تجنيد إجباري وإكراه على حضور الدورات التجنيدية. وتوزعت باقي الانتهاكات بين منع السفر والتفتيش والتعدي الجسدي.
وخلص تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن مناطق سيطرة الحوثيين شهدت أشرس الحملات ضد النساء من قمع وتضييق ومصادرة حريات، ومنع من السفر، وتزويج القاصرات، وكذلك التجنيد والإكراه على حمل السلاح وحضور دورات تدريبية تتنافى مع طبيعة المرأة، خصوصًا في المجتمع اليمني المحافظ.
وفي يوليو 2024، اختطفت قوة نسائية (الزينبيات) تتبع ميلشيات الحوثي الناشطة "أماني المعافا" بطريقة مهينة على ذمة خلافات مع عاقل الحارة الموالي للحوثيين، ولا يزال مصيرها مجهولًا حتى الآن.
وفي 22 سبتمبر، اختطفت الناشطة "سحر الخولاني" من منزلها بصنعاء بسبب انتقادات وجهتها للمليشيات على وسائل التواصل الاجتماعي.
اغتيالات وفوضى أمنية
شهدت العاصمة المختطفة صنعاء عدة حوادث اغتيال في عام 2024، من أبرزها عملية مايو التي راح ضحيتها العشرات من قيادات وخبراء ميليشيا الحوثي. تعرض الضحايا لمادة سامة مجهولة أثناء عملهم في ورش تصنيع تابعة للميليشيا.
وفي 15 سبتمبر، اغتيل رجل الأعمال المهندس فؤاد عايض المسلماني ونجله هشام على يد مسلحين حوثيين أمام مركز "سما مول" التجاري بشارع الخمسين وسط العاصمة المختطفة صنعاء.
وفي 10 نوفمبر، نصب المدعو "علوي صالح قايد الأمير" كمينًا للشيخ صادق أحمد أبو شعر في جولة دار سلم، حيث أُطلق عليه الرصاص وأرداه قتيلاً.
رغم انقضاء عام 2024، فإن الانتهاكات والخوف والجوع لا يزال مستمرًا في العاصمة المختطفة صنعاء.. المدينة تبقى أسيرة لميليشيات الحوثي التابعة لإيران التي تواصل إدارة الفوضى والجوع لليمنيين، وتصدر بطولة زائفة على حساب هذا الوجع اليمني.