لم تكن مجرد أمنيات قالها شخص معتوه بمحو هوية جامع الصالح وتحويل باحاته إلى صالة ألعاب وحدائقه إلى "مجاري"، وليس عداء لشخص اسمه علي عبدالله صالح؛ بل هو مشروع أساسي وجبهة حرب شرسه تستهدف طمس وتشويه كل ما ينتمي لليمنيين وتاريخهم وحقبات حكمهم وإنجازاتهم وذكرهم ابتداء من الرموز بكل أنواعها سياسية، قبلية، دينية، ثقافية، فنية.. وانتهاء بالهوية المجتمعية والدينية والمعالم والآثار التاريخية والدينية.
الجماعة التي غيرت اسم مدرسة الشهيد نشوان الحميري وعلي عبدالمغني وسبأ وبلقيس والثورة وصلاح الدين والشهيد القردعي والزبيري وأكثر من اسم خمسين مدرسة كانت جميعها بأسماء رموز يمنية تاريخية وثقافية، واستبدلت- كذلك- تاريخ اليمن القديم في المناهج الدراسية بتاريخ الهادي الرسي وغيّرت قصائد عبدالعزيز المقالح والبردوني بقصائد معاذ الجنيد، وشطبت من لائحة الأعياد اليمنية كل ما ينتمي لليمنيين واستبدلتها بمولد زينب ومقتل حسين الحوثي وخرافة الولاية وتاريخ قدوم الرسي. الجماعة التي حوّلت اليمن إلى أكبر سوق سوداء لتهريب الآثار اليمنية والمخطوطات وأنزلت صور السلال والقردعي والثلايا وعلي عبدالمغني المعلقة على جدران المتحف الحربي ورفعت بدلًا عنها صور قيادات إيرانية "قاسم سليماني والمهندس" وبدر الدين الحوثي ليست جماعة عشوائية؛ بل صاحبة مشروع كهنوتي يستهدف محو كل ما ينتمي لليمن واليمنيين واستبداله بمشروع آخر ينتمي لها فقط لا غير.
لن تتوقف عملية استهداف جامع الصالح عند تغيير الاسم في محاولات يائسة لفصل تاريخه عن مؤسسه وبانيه؛ بل ستستمر لتطال كل شيء فيه حتى شكله المعماري ونقوشه الجدارية وربما وجوده بشكل كامل لفصله عن تاريخ وجوده؛ التاريخ الذي لا ينتمي لهم، ولن يتوقف مشروعهم عند جامع الصالح؛ بل سوف يستمر حتى يطال كل شيء له صلة باليمن واليمنيين وبتاريخهم وهويتهم وثقافتهم (آثار، متاحف، مبانٍ، مساجد، جامعات، مدارس، كتب، تعليم، تاريخ، علماء، رؤساء، هوية، ثقافه، دين).
تخوض هذه الجماعة معركة شرسة ضد اليمنيين متعددة الجبهات أقلها جبهة البندقية وأكبرها جبهة الهوية اليمنية؛ وهي الجبهة التي تُسخّر لها هذه الجماعة كل إمكانياتها في محاولة حثيثة لتفريغ الذاكرة التاريخية والوجودية لليمن من محتواها وتعبئتها بمحتوى آخر يمثل تاريخ الجماعة ووجودها، الذي حدده أحد قياداتهم بتاريخ وصول الهادي الرسي إلى اليمن وبدخول مليشيا عبدالملك الحوثي إلى صنعاء.
إنهم لا يستهدفون جامعًا اسمه جامع الصالح، وحُجة أنه بُني من أموال الشعب سخيفة تثير السخرية، جماعة نهبت أموال الشعب حتى لم تترك لهم ما يقتاتون تستهدف معلمًا تاريخيًا بحُجة بنائه من أموال الشعب! لكنهم لم يكتفوا بنهب أموال الشعب، حتى اتجهوا للحجارة التي يشتبهون أنها بنيت بأموال الشعب لنهبها وتدميرها؟!
وعمومًا، كما ذكرنا، ليست معركتهم ضد جامع اسمه الصالح ولا استهدافهم لشخص اسمه علي عبدالله صالح كما قد يتوهم البعض؛ بل معركتهم واستهدافهم ضد اليمنيين وحقبة من تاريخهم وتاريخ حكمهم، ولهذا يوجهون كل طاقتهم لمحوها ومحو آثارها بأي شكل من الأشكال وإزالتها من على وجه الأرض، ولن يتوقفوا حتى يقوموا بمحو وإزالة كل شيء، كل شيء ينتمي لليمن واليمنيين سواء كان اسمه الصالح أو الطالح، قام ببنائه وتشييده علي عبدالله صالح أو قام شمّر يهرعش.
المستهدف اليمنيون وتاريخهم أيًّا كان عهدهم، وأيًّا كانت حقبة حكمهم وأيًّا كانت أسماؤهم وإنجازاتهم، هذا كل شيء باختصار.
*رئيس فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية لمحافظة إب