هل يتطور القصف الجوي الأمريكي ضد الحوثيين إلى عملية عسكرية برية؟ 

الرئيسية | مقالات | 16 ابريل 2025

د. عبده البحش

في الآونة الأخيرة كثفت الولايات المتحدة الأمريكية الضربات الجوية ضد الحوثيين في اليمن، لا سيما بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الابيض. يبدو ان الرئيس ترامب عازم على اضعاف الحوثيين الموالين لإيران والذين يسيطرون على معظم شمال اليمن وهي المناطق التي تتميز بالكثافة السكانية العالية والتضاريس الجبلية الوعرة. تهدف إدارة الرئيس ترامب من هذه الغارات الجوية إلى تأمين الشحن الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بالاضافة إلى ايقاف الهجمات الحوثية ضد إسرائيل.

من الواضح ان الغارات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين في الآونة الأخيرة اتسمت بالفعالية الشديدة والدقة العالية. حيث يتم استخدام صواريخ عالية الدقة لاستهداف مواقع حوثية حساسة جداً مثل مخازن الأسلحة وأماكن تصنيع وتركيب الصواريخ والطائرات المسيرة، والقيادات الحوثية الخطرة وأنظمة الاتصالات ومراكز القيادة والسيطرة والبنية التحتية العسكرية للحوثيين.

تتمتع الغارات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين برضى شعبي يمني واسع، لأسباب عديدة من بينها الكراهية الشديدة ضد الحوثيين في عموم اليمن، بالاضافة الى ان الغالبية الساحقة من الناس يأملون ان القصف الجوي الأمريكي سيساعدهم في التخلص من سيطرة الحوثيين ونيل الحرية كما حدث في سوريا من انهيار لنظام بشار الأسد الذي كان وحشيا مثل الحوثيين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن يتمحور حول هل ان القصف الجوي الامريكي ضد الحوثيين كافي لاخضاعهم وتحقيق الأهداف الأمريكية دون اللجوء إلى عملية عسكرية برية تتزامن مع زيادة الغارات الجوية الامريكية؟ يزعم العديد من المحليين ان الغارات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين لن تكون كافية إلى اخضاعهم، لا سيما بعد الخطاب الاخير لزعيمهم عبد الملك الحوثي الذي هدد فيه الامريكيين والاسرائيليين بمزيد من الهجمات الموجعة، بالاضافة الى اعلان الجهاد المقدس ضد إسرائيل حتى تتحر فلسطين على حد قولة.

وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات على الأرض بخصوص شن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين بدعم امريكي، إلا ان هذا الخيار لن يكون مستبعدا في الفترة القادمة. في الوقت الحالي لا نرى اي استعدادات عسكرية من قبل الفصائل اليمنية المعادية للحوثيين والمدعومة من السعودية والامارات. فهذه الفصائل تحتاج الى الدعم المالي والاسلحة الثقيلة والذخائر والأسلحة النوعية لخوض معركة برية ضد الحوثيين، بالإضافة الى ذلك لم تصدر اي تصريحات رسمية من الرئيس رشاد العليمي او من قيادة التحالف العربي او من الإدارة الأمريكية بخصوص شن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين بدعم امريكي.

يرى البعض ان الإدارة الأمريكية لا تنوي طرد الحوثيين من صنعاء والحديدة، وانما تهدف الى تأديبهم فقط وايقاف هجماتهم على إسرائيل ومنع تهديد الملاحة الدولية في البحر الاحمر ومضيق باب وارغامهم على التفاض مع الأطراف اليمنية الاخرى لتحقيق السلام في اليمن، ولكن هذه الاهداف لن تتحقق من خلال القصف الجوي وفقا لمصادر محلية واقليمية ودولية. من الواضح ان الادارة الأمريكية لن ترسل جنود الى اليمن لمحاربة الحوثيين بريا، لكنها ستلجأ الى دعم واسناد الفصائل اليمنية المعادية للحوثيين لشن هجوم بري محدود من جهة الشرق  والجنوب والساحل الغربي لليمن.

ان خيار العملية العسكرية البرية ضد الحوثيين تتوقف على مدى استجابة الحوثيين لنتائج الغارات الجوية الامريكية، فاذا غير الحوثيين نهجهم العدائي ضد إسرائيل واوقفوا الهجمات ضد السفن في البحر الاحمر ومضيق باب المندب وابدوا نوعا من التعاون مع الإدارة الأمريكية من خلال تلبية الأجندة الأمريكية على المستوى المحلي اليمني والاقليمي، فهذا يعني ان الإدارة الأمريكية لن تكون مضطرة الى عملية عسكرية برية. أما إذا واصل الحوثيين نهجهم العدائي ضد إسرائيل وأمريكا وتهديد الملاحة الدولية وإعاقة السلام في اليمن، فمن المحتمل شن عملية عسكرية برية واسعة النطاق قد تؤدي إلى طرد الحوثيين من صنعاء والحديدة واب وتعز.