حشد نت- عدن:
في تصعيد جديد للتوترات المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت بكين تعليق تصدير مجموعة واسعة من المعادن الأرضية النادرة، المستخدمة في صناعات استراتيجية مثل السيارات والطائرات والرقائق الإلكترونية، في خطوة وصفت بأنها "ورقة ضغط اقتصادية" تهدد الصناعة الأمريكية في عمقها.
ويأتي هذا التحرك الصيني في لحظة مفصلية من الحرب التجارية التي استعرت خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتجدّدت بوتيرة أشد مع عودته إلى البيت الأبيض، حيث أُعيد طرح ملفات العقوبات والتعريفات الجمركية بقوة.
ورغم إعلان بكين استعدادها للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن استخدامها للمعادن النادرة كورقة تفاوضية يعكس رغبتها في فرض معادلات جديدة في الصراع التكنولوجي العالمي، وفق ما يرى مراقبون.
ترامب يتوعد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتأخر في الرد، فأعلن عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الرقائق الإلكترونية، مشدداً على أن "الأجهزة الذكية لن تكون بمنأى عن الإجراءات"، مع تحديد تعريفة جمركية تصل إلى 20 بالمئة.
وفي خطوة أخرى، أطلق البيت الأبيض مراجعة موسعة تشمل الرسوم الجمركية المرتبطة بسلاسل الإمداد التكنولوجية، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار "تعزيز الأمن القومي"، فيما كشف ترامب عن نية واشنطن تعزيز الشراكات مع شركات كبرى مثل TSMC التايوانية، وتوطين صناعة الرقائق داخل الأراضي الأمريكية.
سباق الذكاء الاصطناعي
وفي هذا السياق، اعتبر المهندس محمد سعيد، خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، أن الصراع بين واشنطن وبكين لم يعد اقتصادياً فقط، بل بات يتمحور حول الهيمنة على مستقبل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، موضحاً أن الرقائق الإلكترونية أصبحت "العمود الفقري" للصناعات الدفاعية والفضائية.
وأضاف سعيد أن الصين تمتلك حصة تصل إلى 90 بالمئة من المعادن الأرضية النادرة عالمياً، ما يمنحها قدرة كبيرة على التأثير في الأسواق، رغم أن واشنطن بدأت في تأمين مصادر بديلة من دول مثل أوكرانيا والبرازيل وإيران.
ميدان الصراع الصامت
وأشار سعيد إلى أن مراكز تصنيع الرقائق عالية الدقة لا تزال متمركزة في دول مثل تايوان وكوريا الجنوبية، حيث تتفوق شركات مثل TSMC وSamsung، بينما تفتقر الصين إلى التقنيات المطلوبة لإنتاج رقائق متطورة، رغم تفوقها في المواد الخام.
وبينما تسرّع بكين من جهودها لتطوير بنيتها التحتية التكنولوجية والاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تعمل واشنطن على تطويق هذه المساعي عبر تشديد القيود التجارية والتكنولوجية، ما ينعكس سلباً على استقرار سلاسل التوريد وأسعار المنتجات الإلكترونية عالمياً.
وسط هذا الصراع، طرحت الصين مبادرة لإنشاء إطار عالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، لكن الخبير محمد سعيد شكّك في قدرة القوى الكبرى على التوافق حول مثل هذا النظام، مشيراً إلى هشاشة النظام الدولي وفشله في إدارة أزمات أقل تعقيداً.
وأكد أن أي تشريع مستقبلي في هذا المجال يجب أن يوازن بين حماية الأمن التقني وصون حقوق الإنسان، داعياً إلى إطار رقابي دولي مشابه لدور مجلس الأمن، لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا الثورية.