حشد نت- تقرير:
كشف خبراء صحيون وسكان محليون عن تفشي حالات تضخم الغدة الدرقية بشكل مقلق في منطقة زالنجي بوسط إقليم دارفور بالسودان، ما أثار مخاوف واسعة من وجود تلوث بيئي أو نقص حاد في عنصر اليود، الضروري لوظائف الغدة الدرقية.
ووفقًا لمقطع فيديو وثّقه أحد مسؤولي المنظمات التطوعية خلال حملة فحص روتينية، تبين أن مئات من سكان المنطقة – خاصة النساء والأطفال – يعانون من أعراض مرتبطة بتضخم الغدة الدرقية، إذ تم رصد نحو 350 حالة مؤكدة. وأكدت إحدى المصابات أنها فقدت ثلاثة من أطفالها نتيجة المرض خلال الأشهر الماضية.
ورغم ترجيح مصادر طبية أن نقص اليود هو السبب الأرجح لتفشي المرض، فإن خبراء في البيئة والصحة العامة لم يستبعدوا وجود ملوثات بيئية أو عوامل وراثية كمسببات محتملة.
وقال المتحدث باسم نقابة أطباء السودان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المنطقة تعاني من فقر غذائي ونقص حاد في المنتجات البحرية، ما يُعد بيئة خصبة لانتشار أمراض الغدة الدرقية.
وأوضحت د. منى عثمان، استشارية طب الأطفال، أن غالبية الإصابات تسجَّل بين الأطفال، مشيرة إلى أن نقص اليود في حليب الأمهات قد يعرّض الرضّع لخطر الإصابة بالخمول الدرقي وتضخم الغدة.
أما استشاري الصحة العامة، د. عبد الماجد مردس، فأشار إلى وجود عدة احتمالات وراء الانتشار الواسع للمرض، منها الأكثر شيوعًا كالنقص الغذائي في اليود، وأخرى أكثر تعقيدًا مثل تلوث المياه أو الهواء بمواد كيميائية أو عناصر ثقيلة كالسيلينيوم والفلورايد، أو حتى وجود معادن مشعة ناجمة عن النشاط البركاني في جبل مرة المجاور.
وأضاف مردس: "بعض الملوثات البيئية أو المركبات الكيميائية قد تعيق امتصاص اليود أو تعطل إنتاج الهرمونات الدرقية، ما يجعل البيئة المحيطة عاملاً محورياً يجب فحصه بعناية".
تحقيق بيئي مطلوب
في السياق ذاته، أعربت استشارية أنظمة المياه والبيئة، د. حنان الأمين مدثر، عن قلقها من احتمال وجود نفايات ضارة مدفونة في المنطقة، خاصة مع تداول تقارير سابقة عن دفن مواد خطيرة في عدة مناطق بالسودان.
وشددت مدثر على ضرورة إجراء دراسة علمية متكاملة تشمل فحص عينات من التربة والمياه، إلى جانب تحليل نمط التغذية المحلي، والمكونات التي يعتمد عليها السكان في الغذاء والماء، وفحص نوعية الحليب المستهلك.
ودعا د. مردس منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السودانية إلى إرسال فرق طبية متخصصة لإجراء تحقيق ميداني شامل، يتضمن جمع عينات المياه والتربة، وفحص السكان سريريًا ومخبريًا، مع تحليل مستويات اليود والعناصر السامة.
وأكد على أهمية تعزيز الغذاء المحلي باليود، محذرًا من اعتماد السكان على "الدخن المقشور" الذي يحتوي على مثبطات طبيعية لامتصاص اليود، مما يزيد من تفاقم المرض، خاصة لدى الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال والنساء.