حشد نت - صعدة
تعيش محافظة صعدة، معقل جماعة الحوثي شمال اليمن، حالة من الاختناق الاقتصادي بفعل سياسة الميليشيا التي تمارس استنزافاً ممنهجاً لمصادر دخل السكان. فمنذ أكثر من ثماني سنوات، تعمد الحوثيون إلى حرمان موظفي الدولة من رواتبهم، بينما أحكموا سيطرتهم على القطاعات الاقتصادية، مستغلين حاجات المواطنين لتحقيق مكاسب خاصة.
أحد أبرز مظاهر هذا التضييق كان افتتاح سوق تجاري جديد باسم "سوق باب اليمن" شرقي سور مدينة صعدة القديمة، وهو الثالث من نوعه خلال السنوات الأخيرة.
الميليشيا أجبرت أصحاب المحلات التجارية على الانتقال إلى هذا السوق بأسعار إيجار باهظة، وفرضت على المزارعين بيع منتجاتهم داخله مقابل ضرائب مرتفعة، ما أدى إلى تدمير الأسواق الشعبية التي كانت توفر للمزارعين وأصحاب المحلات بيئة خالية من الرسوم الإضافية.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة؛ ففي سوق "السلام" التجاري، استولت الميليشيا على أرض مملوكة لعائلة معروفة، وحولتها إلى مشروع تجاري يعود ريعه بالكامل للجماعة. هذا الإجراء حرم مئات الأسر من مصادر دخلها، بعد أن أغلقت الميليشيا الأسواق التقليدية ومنعت الباعة المتجولين وأصحاب الأكشاك من ممارسة نشاطهم إلا ضمن الأسواق التي تديرها الجماعة وبشروط قاسية.
الأمر لا يتوقف عند الجوانب الاقتصادية؛ فقد حول الحوثيون بعض منشآت هذه الأسواق إلى مواقع أمنية وعسكرية. على سبيل المثال، خُصص جزء من "سوق باب اليمن" ليكون مقراً لمكتب الأمن والمخابرات التابع للجماعة، ما يعرض المتسوقين لخطر الاستهداف العسكري، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تمنع استغلال المرافق العامة لأغراض عسكرية.
وفي مطلع عام 2022، تفاجأ سكان صعدة بقرار الحوثيين إغلاق "سوق السربي" للقات، الذي كان أحد أهم مصادر الدخل لعشرات الأسر، واستبداله بسوق مركزي جديد أقاموه على أرض مملوكة للشيخ عثمان مجلي، عضو مجلس القيادة الرئاسي. هذه الأرض كانت تُستخدم كسوق للمنتجات الزراعية، إلا أن الميليشيا قامت بالاستيلاء عليها وتسويرها وتحويلها إلى سوق للقات، في خطوة تمثل امتداداً لنهجها القائم على النهب والاحتكار.
بهذه السياسات، تواصل جماعة الحوثي ضرب النسيج الاقتصادي والاجتماعي في صعدة، مما يزيد من معاناة السكان الذين باتوا يعيشون بين مطرقة الفقر وسندان القمع.