حشد نت- عدن:
أثارت شركة كوكاكولا قلقاً واسعاً بعد إعلانها عن سحب كميات كبيرة من منتجاتها في الأسواق الأوروبية، بسبب مخاوف تتعلق بوجود مستويات مرتفعة من مادة الكلورات، وهي مادة كيميائية ناتجة عن تحلل المطهرات المستخدمة في تعقيم المياه.
ورغم تأكيد الشركة أن الخطر على المستهلكين "منخفض للغاية"، إلا أن هذا الإعلان أعاد إلى الواجهة التحذيرات الطبية المرتبطة باستهلاك المشروبات الغازية وتأثيرها على الصحة.
ويحذر خبراء التغذية من أن المشروبات الغازية، سواء كانت محلاة بالسكر أو خالية منه، قد يكون لها تأثيرات خطيرة على الصحة. فبحسب دراسات علمية، يرتبط الاستهلاك المنتظم للمشروبات الغازية السكرية بزيادة خطر السمنة والسكري، بينما يمكن للمحليات الصناعية في المشروبات الخالية من السكر أن تحفز الرغبة الشديدة في تناول السكريات، ما يساهم في زيادة الوزن واضطرابات التمثيل الغذائي.
كما أن احتواء المشروبات الغازية على حمض الفوسفوريك يجعلها مصدر قلق آخر، إذ يؤدي الإفراط في تناوله إلى استنزاف الكالسيوم من العظام، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور.
ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة Nutrients، فإن الأشخاص الذين يتناولون المشروبات الغازية يومياً معرضون لضعف خطر الإصابة بالكسور مقارنة بمن لا يستهلكونها.
تأثيرات مدمرة على القلب والكبد
لا تتوقف المخاطر عند العظام، بل تمتد إلى صحة القلب والكبد. فقد أظهرت دراسة نشرتها جمعية القلب الأمريكية أن استهلاك المشروبات الغازية بانتظام يؤدي إلى انخفاض الكوليسترول الجيد (HDL) بنسبة 98%، وزيادة الدهون الثلاثية بنسبة 53%، مما يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
أما على مستوى الكبد، فقد كشفت دراسة حديثة أن النساء اللواتي يستهلكن المشروبات الغازية السكرية يومياً، يواجهن خطراً أعلى بنسبة 85% للإصابة بسرطان الكبد، و68% لخطر الوفاة بسبب أمراض الكبد، مقارنة بمن يستهلكنها بشكل أقل.
ورغم أن المشروبات الغازية الخالية من السكر تُسوَّق على أنها خيار صحي، إلا أن الأدلة العلمية تشير إلى مخاطر محتملة. فقد وجدت دراسة أجرتها جامعتا تل أبيب وجونز هوبكنز عام 2022 أن استهلاك الأسبارتام والاستيفيا، وهما من المحليات الصناعية الشائعة، قد يسبب سوء امتصاص الغلوكوز والغلاكتوز، مما يؤدي إلى الإسهال الشديد والجفاف وفقدان الوزن.
وقد تصاعدت المخاوف مؤخراً بعد أن صنفت منظمة الصحة العالمية الأسبارتام كمادة "محتملة التسبب في السرطان" عام 2023، مما زاد من الجدل حول سلامة المشروبات الغازية "الدايت".
إضافة إلى المخاطر الصحية الداخلية، تُعد المشروبات الغازية عدواً رئيسياً لصحة الأسنان، حيث تؤدي حموضتها العالية إلى تآكل مينا الأسنان، مما يزيد من معدل التسوس وأمراض اللثة.
ويحذر أطباء الأسنان من أن الاستهلاك المتكرر لهذه المشروبات قد يؤدي إلى تلف دائم للأسنان، حتى مع استخدام الفرشاة والمعجون بانتظام.
في ظل التحذيرات المتزايدة، ومع إعلان كوكاكولا الأخير بشأن التلوث الكيميائي، يتجدد التساؤل حول مدى أمان المشروبات الغازية وتأثيرها طويل الأمد على الصحة. وبينما يصر بعض المستهلكين على اعتبارها جزءاً من روتينهم اليومي، فإن الأدلة العلمية المتراكمة تشير إلى ضرورة التقليل من استهلاكها، أو البحث عن بدائل طبيعية أكثر أمانًا للحفاظ على الصحة العامة.