شهد العالم مؤخرًا تصعيدًا ملحوظًا في الصراعات الدولية، خاصة بين الولايات المتحدة وروسيا، مع تحول النزاعات المحلية إلى أدوات في لعبة النفوذ العالمي. في هذا السياق، يبرز الشرق الأوسط واليمن تحديدًا كمسرح رئيسي لصراعات القوى الكبرى، حيث تتقاطع المصالح السياسية والعسكرية مع التوترات.
الهجوم الأخير الذي نفذته مليشيا الحوثيين على مدمرات أميركية في البحر الأحمر وباب المندب لم يكن مجرد حادث عرضي، بل يعكس تصعيدًا نوعيًا في الصراع الإقليمي الدولي باعتبار اليمن ساحة حرب " بالوكالة".
الحوثيون، الذين يتلقون دعمًا مباشرًا من إيران، قد يكونون أيضًا ورقة في يد روسيا، التي تسعى لتوسيع نفوذها في المنطقة والرد غير المباشر على الدعم الأميركي لأوكرانيا.
الهجمات لمليشيا الحوثي تحمل رسائل متعددة: 1. لإيران: التأكيد على قدرتها على زعزعة الاستقرار الاقليمي و الدولي عبر وكلائها. 2. لأميركا: الضغط لوقف الدعم الأميركي للسعودية والإمارات في حرب اليمن لاستعادة الشرعية، وفزاعة للضغوط السياسية عليهم 3. لروسيا: تعزيز موقفها في صراعها مع أميركا عبر تحريك النزاعات في مناطق حساسة.
البحر الأحمر كمسرح صراع
باب المندب والبحر الأحمر يُعدّان من أهم الممرات البحرية الدولية، وتزايد التصعيد في هذه المنطقة يهدد حركة التجارة العالمية. أي اضطراب في هذه الممرات يؤثر مباشرة على الأمن الدولي، ويضع اليمن في قلب التوترات بين القوى الكبرى.
اليمن كجزء من لعبة النفوذ الروسي-الأميركي
تسعى روسيا إلى استخدام المناطق التي تشهد اضطرابات، مثل اليمن، كورقة ضغط ضد أميركا وحلفائها. وإذا ما تصاعد الصراع بين أميركا وروسيا، فإن اليمن قد يتحول إلى نقطة بيد المعسكرين ، خاصة روسيا اقدمت على تقديم دعم غير مباشر للحوثيين مقابل استخدامهم كأداة ضد المصالح الأميركية في المنطقة.
الدور الإيراني ومصالح موسكو
إيران، الحليف الأهم لروسيا في الشرق الأوسط، تلعب دورًا مركزيًا في دعم مليشيا الحوثي.
أي تحالف محتمل بين روسيا وإيران يعزز من قدرة مليشيا الحوثي على تنفيذ هجمات أكثر جرأة، مثل الهجوم على السفن الأميركية. هذا التحالف قد يُترجم إلى مزيد من التوترات في الخليج، مما يهدد أمن الطاقة العالمي.
تصعيد محتمل: الحوثيون وكوبا كأدوات روسية
تلمح بعض التحليلات إلى أن روسيا قد تتحالف مع جهات إقليمية مثل مليشيا الحوثي علناً ، أو حتى دول مثل كوبا، لمواجهة النفوذ الأميركي. هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، حيث كانت القوى الكبرى تستخدم وكلاء محليين لتوجيه الرسائل وخلق الفوضى.
تداعيات الصراع على اليمن والمنطقة
1. تعميق الأزمة الإنسانية في اليمن
التصعيد في باب المندب والبحر الأحمر قد يؤدي إلى مزيد من الحصار على المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الارهابية ، مما يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة المدنيين.
2. تهديد استقرار المنطقة
إذا تحولت اليمن إلى نقطة استقطاب بين روسيا وأميركا، فإن دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، ستجد نفسها أمام تحديات أكبر في حماية أمنها القومي.
3. تعطل حركة التجارة العالمية
استمرار الهجمات الحوثية في باب المندب قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مما يضر بالاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة بين أميركا وروسيا.
الخلاصة
الأحداث الأخيرة تؤكد أن اليمن والشرق الأوسط لا يمكن فصلهما عن التوترات الدولية.
باب المندب والصراعات الإقليمية أصبحت أدوات في لعبة النفوذ بين القوى الكبرى.
في ظل هذا التصعيد، يجب على القوى الإقليمية تبني سياسات أكثر حذرًا لحماية مصالحها وأمن شعوبها، مع محاولة إيجاد حلول تضمن استقرار المنطقة بعيدًا عن الصراعات الدولية.
السؤال الأهم: هل سيظل الشرق الأوسط واليمن ساحات لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى، أم أن شعوب المنطقة ستتمكن من رسم مستقبلها بعيدًا عن التدخلات الخارجية؟
23 / نوفمبر / 2024
- أكاديمية ودبلوماسية سابقاً