نكبتان في سبتمبر: نكبة وطن ونكبة إنسان

الرئيسية | مقالات | 22 سبتمبر 2025

ياسر غيلان

لم يكن يوم 21 سبتمبر 2014م مجرّد تاريخٍ عابر في الذاكرة اليمنية، بل كان نكبة وطنية كبرى غيّرت مسار الدولة والمجتمع، حين انقضّت مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء وأسقطت مؤسسات الدولة بقوة السلاح، لتدخل البلاد في دوامة من الحروب والانقسامات، وتفتح الباب واسعًا أمام التدخلات الخارجية، والانهيار الاقتصادي، وتفكك النسيج الاجتماعي، وضياع أحلام ملايين اليمنيين في دولة عادلة وآمنة.

لقد شكّل ذلك اليوم المشؤوم بداية عصر الظلام الحوثي الذي لا يزال اليمنيون يدفعون ثمنه حتى اللحظة، من دمائهم وأمنهم ولقمة عيشهم وكرامتهم.

لكن نكبة 21 سبتمبر لم تكن عامة فحسب، بل امتدت لتصبح نكبات شخصية تطال الأحرار والوطنيين الرافضين لمشروع الحوثي الكهنوتي. ففي 28 سبتمبر، من العام 2016  طالتني أنا شخصيًا يد الغدر الحوثية، حين تم اعتقالي في صنعاء والزج بي في المعتقلات لثلاثة أعوام متواصلة، ذقت خلالها أبشع صنوف التعذيب النفسي والجسدي، والإخفاء القسري، والإذلال المتعمد، لمجرد أنني رفضت أن أكون شاهد زور على جريمة بحق وطني وشعبي.

كانت تلك السنوات الثلاث جحيمًا حقيقيًا، لكنها أيضًا كانت مدرسة صلبة في الصمود، حيث تعلمت أن الثبات على المبدأ أثمن من الحياة نفسها، وأن الألم يمكن أن يُكسر لكنه لا ينكسر إذا كان صاحبه مؤمنًا بعدالة قضيته.

إنني اليوم، بعد أن نجوت من أقبية الحوثي، أستعيد هاتين النكبتين معًا: نكبة الوطن في 21 سبتمبر، ونكبتي الشخصية في 28 سبتمبر، لأقول إن المعركة ضد مشروع الحوثي ليست مجرد صراع على سلطة، بل هي معركة وجود وهوية وكرامة.

فسبتمبر بالنسبة لليمنيين لم يكن يومًا للنكبات وحدها، بل كان أيضًا يومًا للثورات العظيمة. ومن قلب المأساة، سيولد فجرٌ جديد يعيد لليمن دولته وحريته وكرامته.

‎#نكبة_اليمن_21سبتمبر