حشد نت- تقرير:
تشهد اليمن موجة تفشٍ مقلقة لمرض الحصبة، تُعد من بين أسوأ الأزمات الصحية التي تعصف بالبلاد خلال السنوات الأخيرة، في ظل تدهور البنية التحتية للقطاع الصحي وتراجع حملات التحصين، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية وشيكة، خاصة على الأطفال الذين يشكّلون الفئة الأكثر عرضة للخطر.
وتتركز بؤر التفشي في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج وأبين، حيث سجّلت المستشفيات والمراكز الصحية مئات الإصابات المؤكدة، إلى جانب وفيات متزايدة، في وقتٍ تعجز فيه السلطات الصحية والمنظمات الإغاثية عن احتواء انتشار المرض، وسط تحذيرات من فقدان السيطرة إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو.
مركز التفشي الرئيسي
في عدن، تصدّرت مديريات البريقة، ودار سعد، والشيخ عثمان قائمة المناطق الأكثر تضررًا، نظرًا لكثافتها السكانية واحتضانها أعدادًا كبيرة من النازحين. وبلغ عدد الحالات المسجلة خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 950 إصابة، بينها 50 حالة قادمة من محافظات مجاورة، في حين سُجلت 8 وفيات حتى الآن.
أما في محافظة لحج، فقد تم تسجيل 430 إصابة، غالبيتها بين أطفال غير مطعّمين، وفق ما أفاد به مكتب الصحة في المحافظة. وتصدّرت مديرية تبن بعدد 165 إصابة، تلتها مديرية الملاح بـ45 حالة، ثم ردفان والحوطة، مع تسجيل حالتي وفاة.
وفي أبين، لا تزال أعداد الإصابات أقل نسبيًا، إلا أن القلق يتصاعد في ظل تزايد حالات رفض اللقاح بين السكان، ما قد يؤدي إلى اتساع دائرة العدوى خلال الفترة المقبلة.
الأسباب والتداعيات
يعزو مختصون تفشي الحصبة إلى انهيار منظومة التحصين بفعل الحرب، وتوقف حملات التطعيم في العديد من المناطق، خاصة تلك التي يصعب الوصول إليها.
وساهمت الشائعات والمفاهيم الخاطئة في العزوف عن تلقي اللقاحات، مما زاد من ضعف المناعة المجتمعية.
ويفاقم الأزمة تنقّل آلاف النازحين، غير المحصنين، من مناطق النزاع إلى محافظات أكثر أمانًا، حاملين معهم العدوى. كما أن تفشي سوء التغذية بين الأطفال أدى إلى تراجع مناعتهم، وزيادة احتمال إصابتهم بمضاعفات مميتة.
وفي السياق ذاته، تتهم منظمات حقوقية جماعة الحوثي بمنع تنفيذ حملات التطعيم في مناطق سيطرتها، والترويج لمعلومات مغلوطة حول اللقاحات، ما أدى إلى تفشي المرض هناك بشكل أكبر، دون توفر إحصاءات دقيقة.
أرقام صادمة
تجاوز المرض حدود المحافظات الثلاث؛ ففي مأرب سُجلت 663 حالة اشتباه، منها 70 مؤكدة و10 وفيات. بينما أبلغت السلطات الصحية في تعز عن 460 إصابة، بينها 104 مؤكدة و3 حالات وفاة.
وفي تقرير لها، وصفت منظمة الصحة العالمية تفشي الحصبة في اليمن بأنه من بين الأشد عالميًا، مشيرة إلى تسجيل أكثر من 33 ألف حالة اشتباه و280 وفاة منذ مطلع عام 2024.
في ظل تصاعد الأزمة، أطلقت منظمات صحية ودولية نداءات عاجلة لإطلاق حملات تحصين وطنية شاملة، وتكثيف التوعية المجتمعية، مؤكدين أن احتواء المرض يتطلب تضافرًا بين السلطات المحلية، والمجتمع المدني، والداعمين الدوليين، لتبني استراتيجية تطعيم عاجلة وشاملة، تقطع الطريق أمام المزيد من الضحايا.